ما بين المؤتمر الصحافي في السراي الحكومي وزيارة القصر الجمهوري في بعبدا، طوى الرئيس سعد الحريري صفحة السجالات، وأنقذ ما يمكن انقاذه من التسوية، لجهة استمراريتها، بغض النظر عن الضربات التي تلقتها.
وقد اوضح مصدر في تيار "المستقبل" ان الحريري رسم الخطوط للخروج من الازمة، واضعا شروطه على الوزير جبران باسيل الذي "تمادى في زلاّت اللسان"، قائلا عبر وكالة "أخبار اليوم": يرتكز الخروج من الازمة والاتجاه نحو ترميم التسوية، الذي جاء في وقت يتواجد فيه باسيل في لندن، على نقطتين اساسيتين:
زيارة دار الافتاء: من خلال الزيارة التي قام بها الاثنين الماضي الوزير سليم جريصاتي، ثم خطوة مماثلة قام بها وفد من التيار "الوطني الحر" ممثلاً باسيل، ومعلناً الحرص على الشراكة الحقيقية وعلى مفاهيم المداميك الدستورية والمؤسساتية الصحيحة... الامر الذي يشكل نفيا لما كان قد عبّر عنه باسيل في الايام الماضية.
ردّ من الرئيس الحريري يرفع فيه السقف السياسي دون ان يردّ باسيل بالمثل، وهذا ما حصل، حيث اعلن الاخير خلال لقائه الجالية اللبنانية في لندن، "دائما يختلقون لنا المشاكل ولا يستطيعون رؤية اي تفاهم لمصلحة لبنان وهذا ما فعلوه بالنسبة لعلاقتنا مع الرئيس الحريري الذي اعطينا معه هنا تلك الصورة الجميلة عن لبنان ونحن نؤكد ان وحدتنا الحقيقية هي ان نكون معا لاجل لبنان".
واضاف المصدر: "بذلك يكون باسيل قد اعتذر من الطائفة السنية بطريقة غير مباشرة، من خلال النفي والزيارة الى دار الافتاء، وعدم الردّ على الرئيس الحريري الذي رفع سقف الكلام"، متحدثا عن "زلاّت لسان وبهورة وسقطات ندفع ثمنها من علاقاتنا واقتصادنا واستقرارنا الداخلي".
واذ توقع المصدر ان تعود الامور السياسية الى السكّة التي كانت تسير عليها سابقا، وبالتالي فإن القديم يعود الى قدمه، مع فارق وحيد ان باسيل بات يعلم انه لا يمكن الاستمرار في عملية احراج الرئيس الحريري بهذا الشكل، وعليه التنبّه الى زلات لسانه، التي كانت هذه المرة مكلفة على شريكه في التسوية السياسية وادّت الى حالة غضب ونقمة تحديدا في الشارع "المستقبلي" والسنّي، الامر الذي حاول الرئيس الحريري ايضا استيعابه في مؤتمره الصحافي في السراي، حيث وجّه رسالة الى بيئته مفادها انه لا يتنازل عن الصلاحيات ومتمسك بها واي كلام من هذا النوع هو تعدٍ وكذب وافتراء ومزايدات...
وردا على سؤال، اعتبر المصدر ان الساحة السياسية ستستعيد حيويتها، حيث من المتوقع ان يعقد مجلس الوزراء الاسبوع المقبل جلستين متتاليتين لتعويض ما فات نتيجة السجالات، مضيفا: "لكن في الوقت عينه ما حصل هو ترقيع لأن النقمة قد تستفيق في اي لحظة في ظل وضع اقتصادي متردٍّ وضاغط على كل فئات واطياف المجتمع اللبناني وفق ما يقول المثل الشعبي "القلّة بتولد النقار".
وفيما يتعلق بجلسات مجلس الوزراء في المرحلة المقبلة، شدد المصدر على ان الحريري سيتصرّف بكثير من الحذر والدقة في ادارات الحكومة وجلساتها، خصوصا بعد تجربة جلسات مناقشة الموازنة العامة للعام 2019 حيث حاول باسيل الإظهار ان مجلس الوزراء يسير على ايقاعه وليس على ايقاع رئيس الحكومة، الامر الذي كان له ارتدادات سلبية عدة.
واستطرادا، اشار المصدر الى ان الكثير من الملفات المطروحة على طاولة مجلس الوزراء بدءاً من التعيينات التي لن تمر على قاعدة المحاصصة، او مدّ اليد على حصص الطوائف الاخرى.
وعما اذا كان الحريري ما بين الثلاثاء والاربعاء، قد ميّز بين باسيل وعون، اجاب المصدر: قد يكون هذا في الشكل، لكن في العمق لا يمكن فصل التيار عن رئاسة الجمهورية، اضف الى ذلك ان عون كان قد فوّض باسيل في ادارة العديد من الملفات. واضاف: لكن الحريري يرفض صورة الثنائية بينه وبين باسيل.
ولفت المصدر، في هذا السياق، الى ان الحريري اوصل الكثير من الرسائل، لكنه في مواقفه يستند الى دار الفتوى ومواقف رؤساء الحكومات السابقين، وبالتالي كل كلام خارج عن هذين السقفين يصبح امام مواقف مزايدة قد لا تكون لصالحه، مع الاشارة الى ان هذين السقفين ليسا مسيرين بل اصدرا المواقف انطلاقا من قناعاتهم.
وخلص المصدر مشدداً على ان الحريري ليس مستعدا للتنازل عن ملفات مبدئية لديه، خاتما: "الشارع السني يحاسب الحريري اذ لا يمكن التساهل مع شخص يعتدي على صلاحياته وكرامته".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك