في غمرة التوتر العالي في علاقة "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" والمتوقّع ان ترتفع حرارته عندما تدقّ ساعة التعيينات، خرقت الرسالة التي بعث بها رئيس حزب "القوات" سمير جعجع الى رئيس الجمهورية ميشال عون عبر أحد "عرّابي" تفاهم معراب وزير الاعلام السابق ملحم الرياشي، الاجواء الملبّدة بغيوم كثيفة يبدو انها بعيدة كل البُعد عن غيمة الصيف العابرة.
وتنسجم الرسالة مع قناعة معراب بفصل خلافها مع ميرنا الشالوحي، لاسيما مع الوزير جبران باسيل عن الرئيس عون كَونه "بيّ الكل" وعلى مسافة واحدة من الجميع، وتعويلها على دوره كحكم بين اللاعبين عندما يختلفون في مقاربة القضايا وإطلاق المبادرات الانقاذية عندما تشتد الصعاب.
انطلاقاً من هذه القناعة اتت زيارة وزير الاعلام السابق الى قصر بعبدا امس بعد غياب طويل - وهو الذي شكّل الى جانب النائب ابراهيم كنعان صلة الوصل بين معراب والرابية ثم بعبدا لنقل الرسائل المتبادلة، ما يُفسّر ان قنوات التواصل عادت وفُتحت بين بعبدا ومعراب بعد انقطاع فرضه تصاعد الخلاف بين "التيار" و"القوات".
ووصفت اوساط قواتية عبر "المركزية" لقاء رئيس الجمهورية بموفد جعجع بـ"الجيّد والممتاز"، واعتبرت "ان مجرّد اللقاء بين احد موقّعي "تفاهم معراب" ومهندسه يعكس حرص الطرفين وما يُمثّلانه على اهمية التواصل والتمسّك بالمصالحة التي كرّسها التفاهم منذ سنوات".
اما في مضمون الرسالة، فأشارت الأوساط الى أنها انطوت على ثلاثة مواضيع اساسية وآنية تتطلّب عناية رئاسية نظراً لدقّة المرحلة التي نمرّ بها:
-الموضوع الاول ملف التعيينات الادارية الذي وُضع على نار حامية ويتوقّع ان "يستوي" بعد إنجاز استحقاق الموازنة في مجلس النواب. ولفتت الاوساط القواتية الى "ان رسالة جعجع تضمّنت تمنياً على الرئيس عون بإستكمال مسلسل الانجازات التي حققها منذ بداية عهده بتحقيق انجاز اصلاحي ثان بعد الانجاز الاول الديموقراطي بإقرار قانون الانتخاب، وذلك عبر وضع آلية تعيينات شفافة تأتي بالشخص المناسب في المراكز الاولى، بحيث لا تبقى حكراً على السياسيين فيقدّمون الولاء لهم وليس للمصلحة العامة".
-الموضوع الثاني التطورات المتسارعة في المنطقة مع ارتفاع منسوب التصعيد بين الولايات المتحدة الاميركية وايران والذي قد يؤدي الى حرب مدمّرة لن تكون دولة في المنطقة بمنأى عنها. واوضحت الاوساط القواتية "ان جعجع شدد في رسالته الى الرئيس عون على ضرورة ان يكون لبنان جاهزاً لاي سيناريوهات مُحتملة من خلال التمسّك قولاً وفعلاً بسياسة النأي بالنفس وعدم السماح لاي طرف داخلي بجرّ لبنان الى المواجهة. وهذا ما يتقاطع مع النصائح الدولية التي نُقلت الى بيروت كان اخرها من الوفد الروسي بضرورة احترام سياسة النأي بالنفس اكثر من اي وقت مضى و"اعلان بعبدا" لتحييد لبنان عن صراع وسياسة المحاور في المنطقة".
-اما الموضوع الثالث والاخير الذي تضمنته رسالة جعجع فهو الاستقرار الداخلي، اذ تمنّى على الرئيس عون انطلاقاً من موقعه الرئاسي لعب دور اساسي في إعادة الانتظام الى اللعبة السياسية وترسيخ الاستقرار الذي اهتزّ في الفترة الاخيرة بسبب تصريحات ومواقف تخطّت الخطوط الحمر وايقظت الفتنة والغرائز الطائفية وكاد الوضع يفلت من عقاله لولا مسارعة بعض القوى والمرجعيات الى تبريد الاجواء. وهذا كلّه لا يصبّ في مصلحة الاستقرار الداخلي ويأخذ من رصيد العهد".
وختمت الاوساط القواتية بالتأكيد "ان الرئيس عون "استمع الى نص الرسالة بكل انتباه وتمعّن وحمّل موفد جعجع تحياته اليه"، من دون ان تستبعد عقد لقاء قريب بين رئيس الجمهورية ورئيس "القوات" يُكرّس عودة التواصل بينهما كما في السابق".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك