مرارا وتكرارا، أصيب مسار تأليف الحكومة بنكسات بفعل إصرار التيار الوطني الحر ومن ورائه الفريق المحسوب على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على نيل حصة من 11 وزيرا، وهو ما نجح الفريق المذكور بدعم من حزب الله، في مواجهة شريك التسوية الرئيس سعد الحريري، والزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، فكان أن امتلك ورقة "الثلث المعطل" التي تتيح له تعطيل الحكومة عندما تدعو الحاجة إلى تصفية الحسابات السياسية.
خرج الوزير جبران باسيل منتصرا من حلبة المواجهة هذه، وخبأ ورقة الثلث المعطل في جيبه، على اعتبار أن الأولوية لتفعيل العمل الحكومي، إلى أن بدلت حاثة قبرشمون كل الأولويات، وأعادت الجميع إلى قواعدهم السياسية. بدوره، عاد الثلث المعطل إلى الواجهة واستخدم للمرة الأولى أمس بشكل جدي، في ما يمكن اعتباره رسالة هي الأعنف من التيار الوطني الحر إلى شريكه الأزرق منذ تأليف تشكيلة "إلى العمل"، على الأقل.
ولأن "المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين"، حرص رئيس الحكومة على تأكيد كونه قرأ جيدا ما بين سطور الاجتماع الاستثنائي الذي عقده الوزراء الدائرون في الفلك الرئاسي (باستثناء وزيري البيئة فادي جريصاتي والسياحة أواديس كيدانيان)، من دون أن تفوته الاشارة إلى أن "التسوية بخير والحكومة بخير والوفاق الوطني بخير أيضا"، في محاولة لقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر، خصوصا في ما يرتبط بعلاقاته مع باسيل.
وكما رئيس الحكومة، يجهد التيار الوطني الحر في تأكيد أن اجتماع الأمس، معطوفا على ما سمي "تأجيل" الجلسة الحكومية لا يحمل رسائل سياسية مشفرة إلى رئيس الحكومة، وهو ما تؤكده مصادر تكتل لبنان القوي لـ "المركزية"، مشددة على أن كل ما في الأمر" أننا سحبنا فتيل اشتباك سياسي كاد يطيح مجلس الوزراء برمته، في ما لو وقعت مجرد مواجهة كلامية بين وزير التربية أكرم شهيب ووزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، على خلفية حادثة قبرشمون "، معتبرة أن "لا يجوز أن تجتمع حكومة في وضع كهذا الذي أدت إليه حوادث الأحد الفائت".
ورفضت المصادر الكلام عن أن تأخير الجلسة الحكومية وتأجيل انعقادها (إلى يوم غد مبدئيا) يندرج في سياق سياسة الهروب إلى الأمام، مشيرة إلى أن "يمكن أن يعاود مجلس الوزراء جلساته بشكل طبيعي عندما تهدأ النفوس، وبعدما بدأ تسليم المطلوبين".
أما عن الرسالة التي توخى التيار توجيهها إلى رئيس الحكومة، فأكدت مصادر تكتل لبنان القوي" أن لا حاجة إلى تمرير الرسائل إلى أي جهة كانت لأن الرئيس الحريري يعرف حجمنا السياسي والحكومي، ويعرف أن لدينا ما يسمى الثلث المعطل"، مشددة على أن "الأهم بالنسبة إلينا يكمن في أننا جنبنا البلاد كارثة سياسية وحكومية"، كاشفة أن "التنسيق قائم ومتواصل بين الرئيس الحريري والوزير باسيل، بما في ذلك يوم أمس".
وفي انتظار ما ستنتهي إليه الاتصالات الهادفة إلى تبريد الأجواء وتنفيس الاحتقان، رفضت المصادر الجزم في شأن إلغاء جولته إلى طرابلس (التي كانت مقررة الأحد المقبل). غير أنها أكدت، في المقابل، أن "الجولات المناطقية مستمرة لأنها أمر طبيعي ولأننا نرفض الرضوخ لمنطق الكانتونات الطائفية الذي يحاول البعض إرساءه بقوة الأمر الواقع".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك