لا يزال رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل حتى اليوم في موقع الفعل، أمّا خصومه فلا يزالون حتى اليوم أيضاً في موقع ردّات الفعل. يرى باسيل أنّ الطريق أمامَه مُشرَّعاً إلى حيث يُريد، ويطمح، طالما أنّه لا وجود لمعارضة، أو أقلّه تجمّع قوى وشخصيات مناهضة للمسار المُتَّبع من قبل "الوطني الحر" في الحُكم.
رئيس مجلس النواب نبيه بري لم ينتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. رئيس الحكومة سعد الحريري كان الشريك الذي أبرم التسوية، واضطرَّ بعدها لحمايتها مهما بلغ انزعاجه وفريقه من أداء باسيل. رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية كان المُنافِس المسيحي الأوّل على كرسي بعبدا، ثمّ حمَل الورقة البيضاء ومعه 36 نائباً مُناصراً لوصوله. رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع قاد إيصال عون إلى بعبدا وفقاً لتفاهم قائم على Fifty fifty في المواقع الإدارية في الدولة، قبل أن يُخذَل من عون وباسيل معاً.
يُردّد البعض في "الوطني الحر" مقولة "قوّة باسيل من ضعف خصومه"، وفي المقابل تسمع المقولة المتكرّرة "باسيل عدوّ نفسه". منذ الـ2016، لم يتوصَّل خصوم باسيل إلى مُبادرة أو خطوة تنظّم الرأي العام المُعارض للعهد والمشرذَم عشوائياً بين "جوّ 14 آذار" من جهة والحلفاء السابقين، وفي مقدّمهم "المردة" مسيحياً، من جهة أخرى.
حصلت قبل الإنتخابات النيابية وبعدها محاولات عدّة للتقريب بين المُعارضين وفق شعارٍ وطني جامع، لكنّها باءت بالفشل، واقتصرت المواجهة على الحرب النفسيّة على "التيار" إعلامياً وعبر مواقع التواصل الإجتماعي، والتي منحت أكثر من مرّة لباسيل "هدايا" مجانية تصوّره كمدافعٍ وحيدٍ عمّا يُسمّى "حقوق المسيحيين".
مُنيَ خصوم باسيل حتى اللحظة بالعجز. ولئلاّ يتحوّل هذا العجز إلى ضعفٍ عقيم وخسارة أخرى، يُحاول فريق مسيحي من جديد لملمة قواه السياسية والشعبيّة بهدف الوصول إلى لقاءٍ مُعارض ينطلق من الساحة المارونيّة ويضع رؤيةً متماسكة للمرحلة القادمة، كي لا تضيّع نقاط الخلاف الأولويّات.
شبع الشارع من ارتكاب الأخطاء في التقدير، ومن ردّات الفعل التي ستؤدّي بخصوم العهد إلى الإنتحار بينما يصعد باسيل سُلَّمَ طموحه الكبير... وهو الذي، إن لم يصل إلى بعبدا، لن يترك خصماً له يحكم الجمهورية بعده.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك