لا أتفق في السياسة مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، حرباً وسلماً، سرّاً وعلناً، همساً وجهاراً. أنا ضدّ سمير جعجع قلباً وقالباً.
ولكن، إنطلاقاً مما يقوله جعجع نفسه عن تحييد الخلافات الكبرى عن مصير لقمة العيش ومشاكل الدولة الداخلية، منذ إعلان لبنان الكبير وفق ما هو متعارف عليه وخلال سائر العهود التي نعيش رقمها الثالث عشر، نِعم الصدف، لا أجد ضيراً في كتابة قناعة رسّخها رئيس "القوات" وساعدته الأحداث والظروف في انتشارها.
استمعت في الأمس إلى المؤتمر الصحفي لجعجع متعطّشاً لسماع معزوفة جديدة تختلف عما سمعته خلال الأسابيع الأخيرة، سواء في الجولات وعلى المنابر أو ما قرأت من تغريدات ومواقف تحمل من الرياء ما يفوق قدرة احتمالي وسجّلتها ضد عامة السياسيين المخضرمين وحديثي النعمة.
أشهد أنني لم أكن محايداً. لم تفارقني قناعاتي السياسية لحظة، ولكن حضرت كل الأمور الأخرى في حضرة جعجع، وحضرتي. "معو حق"، رددتها عند كل نقطة نطق بها وكل حلّ مرافق للشكوى. لم يعترض كيدياً ولم يوافق استنسابياً. عدوّه كان الهدر والفساد والغوغائية، حتى حيث بدت الخلفية السياسية في بعض التعابير فقد طغى عليها العنوان الإصلاحي. تناول شؤوناً تخصّ التيار الوطني الحر والمستقبل وحركة أمل، متجاوزاً الخصام والوئام والـ "ما بين بين".
حذّر جعجع واستفاض عن أسباب رفضه للموازنة، من دون تهشيم النقاط الجيدة التي تضمنتها. طرح معالجات فورية يمكن أن تؤمن للخزينة دخلاً بمليارات الدولارات، هو الذي اعترض من دون جدوى على حذف مليوني دولار من موازنة وزارة الشؤون الإجتماعية. لقد أحرج جعجع أولياء الأمر وصارح اللبنانيين بما لا يمكن للمعنيين تجاهله. الشعب يريد أجوبة مقنعة أو تدابير فاعلة تأتي بمليار دولار إلى الخزينة من الجباية وتوفّر نصف عجز شركة كهرباء لبنان في السنة الأولى وتنهيه في السنة الثانية.
أما إذا كان رئيس "القوات" مخطئاً، فردّوا عليه بالوقائع والأرقام، فالرجل بدأ بخرق جدران الممانعة.
لا أحبّ جعجع ولكنّني أحترمه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك