أعاد رئيس الجمهورية ميشال عون إلى مجلس النواب بموجب المرسوم الرقم 5271، في 25 تموز 2019، القانون الذي أقرّه المجلس في 27 حزيران الماضي، والرامي إلى "اعفاء أولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني والحائزين على اقامات مجاملة من الاستحصال على اجازة عمل"، كذلك، إعاد بموجب المرسوم الرقم 5272، في 25 تموز 2019، القانون الذي كان اقره المجلس في 27 حزيران الماضي، الرامي إلى "مكافحة الفساد في القطاع العام وانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، وذلك لاعادة النظر فيهما.
فما هي الآلية الدستورية المعتمدة في هكذا اجراء، في وقت لم تجتمع فيه الحكومة منذ اكثر من شهر؟
فقد شرح مرجع دستوري واسع الاطلاع، انه سندا الى احكام المادة 57 من الدستور، والتي تنص ان لرئيس الجمهورية بعد اطلاع مجلس الوزراء حق طلب اعادة النظر بالقانون لمرة واحد ضمن المهلة المحددة لاصداره، ولا يجوز ان يُرفض طلبه". بمعنى ان المشترع والدستور قيدا رئيس الجمهورية بواجب اطلاع مجلس الوزراء على قراره باعادة النظر بالقانون، وبالتالي ما حصل ضمن اطار طلب اعادة النظر بالقانونين المشار اليهما قد جاء مخالفا لاحكام الدستور سيما وان ليس هناك مجلس وزراء يعقد حاليا، وليس هناك من حالة انعقاد لمجلس وزراء كمؤسسة، وبالتالي لا يكفي ان يصار الى اطلاع رئيس الحكومة، انما يقتضي اطلاع مجلس الوزراء بكافة مكوناته.
وهل خالف الرئيس عون الدستور، اجاب المرجع: لا يمكن التحدث عن مخالفة، بل قد يكون الرئيس تجاوز احكام المادة 57 لجهة رد القانونين وطلب اعادة النظر بهما دون اطلاع مجلس الوزراء، كون هناك عدم مكانية لهذا الاطلاع سيما وان مجلس الوزراء معطل منذ اكثر من شهر.
ماذا بعد؟ قال المرجع : ما يخشى منه هو ان تصل القوانين المطلوب اعادة النظر بها الى مجلس النواب، ويحق عندها لرئيس المجلس ان سيتند الى ما يسمى بـ"مخالفة نص المادة 57" وبالتالي عدم قبول اعادة النظر بهما لمخالفة اجرائية دستورية ملزمة وهي وجوب اطلاع مجلس الوزراء قبل اتخاذ القرار بطلب اعادة النظر.
ولفت المرجع الى ان تقويم الامر يعود الى الرئيس نبيه بري، فقد يمرر الاعادة دون التوقف عند حرفية المادة 57 تجنبا لاي خلاف، فبعرض القانونين على الهيئة العامة من اجل اعادة النظر، عندئذ، يصار الى اعادة مناقشتهما انما اعادة الاقرار تكون هنا بالغالبية المطلقة للاعضاء الذي يؤلفون المجلس قانونا، اي ما لا يقل عن 65 نائبا.
وتابع: لكن يمكن ايضا لرئيس المجلس في حال اراد تمرير رسالة سياسية او ضمن اطار المناكفات السياسية المعروفة، ان يتمسك بحرفية المادة 57، والتذرع بان رئيس الجمهورية لم يطلع مجلس الوزراء على المرسومين، فعندئذ يمكن له ان يرفض اعادة مناقشة القانونين.
وفي هذا السياق، اشار المرجع الى ان تجاوز مادة دستورية ليس مخالفة بمعنى سوء النية، ولكن يبقى ان المادة 17 من الدستور تنص على ان السلطة الاجرائية هي بيد مجلس الوزراء مجتمعا.
وهل يمكن للرئيس عون القيام باجراء تصحيحي ما؟ قال المرجع الدستوري: لقد سبق السيف العزل، فقد كتب ما كتب وحوّل المرسومين الى الامانة العامة لمجلس النواب الكرة اليوم في مرمى الرئيس بري.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك