بعيدا من اي ربط بين توقيت الموقفين او محاولة اعتبار الثاني ردا على الاول، تتوقف اوساط سياسية متابعة عند محطتين لافتتين شهدهما محور حماية لبنان وتثبيت أمنه واستقراره والدفاع عنه. الاول كلام لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطلقه الاثنين الماضي من بيت الدين في شأن الاستراتيجية الدفاعية، والموقف الثاني، لقائد الجيش العماد جوزيف عون اتخذ بعده الاهم من المناسبة في حد ذاتها، اذ جاء خلال مناورة قتالية كبرى بالذخيرة الحيّة نفّذها الفوج المجوقل تحاكي فرضية مهاجمة الوحدات العسكرية المشاركة مجموعةً إرهابيةً متمركزة في منطقة جرود العاقورة والقضاء عليها، فبعدما هنّأ العماد عون العسكريين الذين شاركوا في المناورة، مثنياً على حرفيتهم والتنسيق في ما بينهم، لفت إلى أنّ مستوى التدريب الذي ظهر خلال هذه المناورة يثبت جهوزية الجيش الدائمة لمواجهة كل التحدّيات التي قد يواجهها سواء على الحدود أم في الداخل".
بين كلام "الجنرالين" ، تقول مصادر سياسية سيادية لـ"المركزية" ثابتة وحيدة. وما بينهما ايضا قناعة اميركية بقدرات المؤسسة العسكرية، قد لا تكون متوافرة لدى الكثير من اللبنانيين، او ان الرغبة السياسية بالاقرار بتوافرها ليست موجودة، رغم القناعة. فالجيش باقرار قائده يثبت جهوزيته "لمواجهة كل التحديات على الحدود ام في الداخل"، ما يعني عمليا ان الحاجة لاي فريق مسلح آخر للذود عن الوطن منتفية، وان لا استراتيجية من خارجه، فجوهر المشكلة ليس في عدم توافر القدرات بل في تقاعس السلطة السياسية عن اعطاء المؤسسة العسكرية حقها نتيجة ولاءاتها الخارجية. وتبعا لذلك، فإن القرار في هذا الشأن منبعه سياسي وليس عسكريا.
وترى المصادر السيادية، ان توضيح الكلام الرئاسي عن ان "دخول دول كبرى وتنظيمات ارهابية في الحروب التي شهدتها دول عدة مجاورة للبنان، أحدث تغييرات في الاهداف والاستراتيجيات لا بد من أخذها في الاعتبار"، يؤكد ضرورة ارتكاز اي استراتيجية دفاعية على الجيش اللبناني كقوة قادرة على حماية الوطن، ومعارك فجر الجرود ابلغ دليل الى قدرات هذا الجيش في مواجهة الارهاب، خلافا "لمن نقل الارهابيين بالباصات المبرّدة الى الداخل السوري". واذا كان الارهاب قد يشكل عنوانا جديدا لاستمرار وجود السلاح خارج الشرعية فيما لو تم سحب ورقة مقاومة اسرائيل اذا ما انجزت مهمة ترسيم الحدود، فإن هذه الوظيفة لن تكون عملة رائجة بحسب المصادر السيادية، لان من يواجه الارهاب فعلا وقولا هي المؤسسات العسكرية والامنية الشرعية ولا شريك لها في هذه المهمة كما اثبتت التجربة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك