كتب محمد تلحوق:
أصدر مصرف لبنان تعميماً وسيطاً تحت الرقم ٥٤٥ موجهاً الى المصارف للعمل على تخفيض فوائدها الدائنة استكمالاً لتعميم سابق قضى بتخفيض الفوائد المدينة.
أهمية هذا التعميم أنه يأتي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة يمر بها لبنان وايضا في خضم البحث في كيفية التعامل مع الاستحقاقات المالية الداهمة في ما يخص تسديد أو عدم تسديد اليوروبوند.
هذا التخفيض من شأنه أن ينعكس إيجابا على المستفيدين من القروض المصرفية، شركات وأفراداً، كما ومن شأنه أن يخفف بعض الأعباء على الدولة تجاه المصارف ومصرف لبنان. لذلك ومن دون الغوص بتفاصيل الأرقام وبشرح مبسط، سوف يخفض هذا التعميم نسبة الفائدة الدائنة بما يعادل ٣ الى ٥ في المئة على القروض المختلفة وهو يشمل القروض السكنيّة بمفعول رجعي، فالقروض السكنية الممنوحة قبل تاريخ ٨/٢/٢٠١٧ والتي لا تتجاوز ٨٠٠ مليون ليرة يطبق عليها فائدة ٤٠% من مردود سندات الخزينة اللبنانية لمدة سنة زائد ٢،٤% ما يعني إجمالي فائدة لا تتجاوز ٢،٥%. والفوائد على القروض السكنية الممنوحة بعد تاريخ ٧/٢/٢٠١٧ والتي لا تتجاوز ٨٠٠ مليون ليرة يطبق عليها فائدة ٢٥% من مردود سندات الخزينة اللبنانية لمدة سنة زائد ١.٥% ما يعني إجمالي فائدة لا تتجاوز ١.٦%.
ما فائدة ذلك للناس؟
إن جميع المستفيدين من القروض المصرفية عموماً وقروض الإسكان خصوصاً سوف يتأثرون إيجابا بهذا التخفيض بحيث مجموع الفوائد التي كانت مترتبة على القروض ستنخفض تلقائيا وعندها تقوم المصارف بخفض مبلغ الفائدة المترتبة، واذا أردنا الدخول تقنيا أكثر فهناك نوعان من قروض الإسكان التي تمنح، واحدة عبر المؤسسة العامة للإسكان وأخرى عن طريق المصارف مدعومة من مصرف لبنان.
الأولى تقسم القرض إلى مرحلتين: مرحلة أصل المبلغ ومرحلة الفائدة. في المرحلة الأولى لن يشعر المستفيد من القرض بالتخفيض لأن التخفيض لا يشمل أصل المبلغ بل سوف يلاحظ الفرق في المرحلة الثانية وهي الفائدة، فتصبح قيمة سند الفائدة اقل مما كانت عليه، أما في القروض عن طريق المصارف فالسند يشمل جزءاً من أصل المبلغ وجزءاً من الفائدة، فالمستفيد في هذه الحالة يشعر بالتخفيض في مبلغ السند فور تطبيق هذا التعميم وذلك نتيجة خفض الفائدة. أضف إلى أن التخفيض سوف يؤثر في مختلف القروض التى تعتمد على الفائدة المتحركة وليس على الفائدة الثابتة.
هذه النسبة هي نسبة مشجعة ومن شأنها أن تساهم في تحريك العجلة الإقتصادية ولكن لا تكفي وحدها ويجب أن تأتي ضمن سلة متكاملة من الإصلاحات، عبر وضح حدّ لمزاريب الهدر وتقوية القطاعات الإنتاجية والبنى التحتية والى آخره من الأمور التي حفظها اللبنانيون عن ظهر قلب.
تخفيض الفوائد الدائنة والمدينة هي خطوة بالاتجاه الصحيح فهذا التوجه هو أولى الخطوات التنظيمية التي يحتاج إليها القطاع المصرفي في ظل التخبط الذي يعانيه في هذه الظروف غير المستقرة التي يمر بها لبنان، في حين أن القيّمين على إدارته لا مبالين لما وصل اليه حال الناس من الفقر المدقع والضياع وفقدان الثقة والامل.
تخفيض الفوائد هو محفز لرأس المال الكسول للقيام بمشاريع زراعية وصناعية وسياحية، وايضا محفز للاستقراض بفوائد متدنية واستثمار هذه الأموال في المشاريع، وهذا كله يتطلب استقراراً سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً.
عسى أن تكون هذه الخطوة بداية مرحلة وضع لبنان على السكة الصحيحة والنهوض به من المستنقع الذى أغرق فيه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك