مواعيد مطروحة لعمر الحكومة وسيناريوهات "شيطانية"
السفير

ميقاتي في مرمى الخصوم والحلفاء: بطل أم ضحية؟

كان قيادي مسيحي في «قوى 8 آذار» يناقش مع مجموعة من محازبيه موعدا لفكرة ينوي اطلاقها. وبعد استفاضة واخذ ورد، قال حاسما «يفترض أن يتم ذلك قبل أواخر السنة تحسبا لامكان سقوط الحكومة».
ليس هذا التخوف الاول الذي يصدر حول عمر هذه الحكومة. وليست الحكومة الوحيدة التي تضرب مواعيد سقوطها بعد مضي نحو اربعة اشهر على تشكيلها. ولعل المفارقة أن نعي هذه الحكومة بدأ منذ لحظة تسمية رئيسها نجيب ميقاتي، قبل ان تتشكل وتعرف طبيعة تركيبتها واحجام القوى فيها.
ومع ذلك فالسيناريوهات المطروحة شبه محصورة وباتت كثيرة التداول. فالرئيس نجيب ميقاتي كان حاسما في التأكيد على الالتزام بتمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. سحب مؤخرا من التداول، اللازمة التي لم يتوقف عن تكرارها حول التمويل كما سحب ايضا التلويح بالاستقالة.
ويقول مطلعون «إن ميقاتي يحاول عبر قنوات محلية واقليمية ايجاد سبل لتمرير تمويل المحكمة من دون ان تترك آثارا على الحكومة وعلى استقرار البلد. وقد بات معروفا انه في الحالتين لن يخسر من رصيده الشخصي. فان استطاع اقناع حلفائه بقبول التمويل يكون قد حقق مكسبا، وان عجز استقال منسجما مع تعهداته وملتزما بكلمته».
ويشير المطلعون الى ان «ميقاتي يحاول الاستفادة من علاقاته الجيدة مع النظام السوري ليساهم في ايجاد المخرج. ولقد نُقل اليه عدم تحفظ سوريا على بند التمويل على رغم تحفظها على المحكمة وادائها وحجم تسييسها. لكن المحكمة ستواصل عملها سواء التزم لبنان بتعهداته المالية تجاهها او لم يلتزم. وفي هذه الظروف لا تريد سوريا ان يكون لبنان في مواجهة المجتمع الدولي. بل على العكس تريده ان يعزز حضوره على الساحة الدولية وان ينسج افضل العلاقات التي يمكن ان تستفيد منها سوريا بطريقة غير مباشرة».
ويلفت المطلعون الانتباه «الى موقف كل من روسيا والصين الايجابي والداعم في موضوع تمويل المحكمة، مما ينعكس ايضا على موقف سوريا. وهي قد تسهم في تذليل العقبات امام التمويل وتستخدم «مونتها» على «حزب الله»، لكن الاكيد انها لن تضغط عليه اذا كان الموضوع فعلا محسوما في قناعاته وخطا احمر وضعه لا يمكن ان يتجاوزه».
في المقابل، يعتبر نائب في المعارضة «ان كل المتداول في موضوع المحكمة والخلاف المعلن بين مكونات الاكثرية الجديدة هو بالونات اختبار وخطة مدروسة. فالهدف واضح وهو تعويم ميقاتي واظهاره باحدى الصورتين: اما ضحية او بطل. وفي كلتا الحالتين يستنفر تعاطفا معه في بيئته ومحيطه. وهو تعاطف مطلوب خصوصا في المرحلة المقبلة. فالخطة مرسومة منذ لحظة اخراج سعد الحريري من السلطة. ومن ابرز خيوطها الشيطانية تسويق بديل عن الحريري في الوسط السني. بديل له، في الشكل، بعض المواصفات المشتركة من الاعتدال في الموقف معطوفا على سنية لا لبس فيها. كما انه متمول كبير وله خدماته وقدراته المالية الواسعة، وهو يملك شبكة علاقات داخلية وخارجية متشعبة».
ويضيف النائب «ان المشترك في الشكل يعكس اختلافا جوهريا في المضمون والرؤية. فميقاتي سيبقى دوما رهينة من اتوا به الى رئاسة الحكومة في لحظة استقواء السلاح على الحق والحقيقة. ومصالحه السياسية والمالية تجعله اسير مجموعات ضغط داخلية واقليمية. وبالتالي لا هو ضحية، لانه اختار موقعه عن سابق تصور وتصميم، ولا هو بطل لانه اعجز من رسم مستقبله بعيدا عن حسابات الربح والخسارة».
في المقابل، لا تحبذ مصادر رئيس الحكومة التعليق على «الاستهدافات اليومية المعتادة». وتكتفي بالاشارة الى «ان الرئيس ميقاتي لا يبحث عن دور. وكل ما يقوم به يندرج في اطار الالتزام بما يمليه الدستور اللبناني والقوانين المعمول بها، وما ينسجم مع قناعاته الوطنية والسياسية».
يستند كل فريق الى معلوماته و«استدلالاته» وتحليلاته ومراهاناته ليبني عليها مواقفه، فيما الحكومة تسير وسط حقول الغام سياسية واجتماعية واقتصادية.
ويقول مطلعون «إن الالغام الحقيقية التي يمكن أن تفجر اية حكومة وموجودة بكثرة على طريق هذه الحكومة هي الملفات الاقتصادية والحياتية... لكن اللبنانيين لا يختلفون ولا يتفقون الا على المواضيع السياسية الساخنة، فيما همومهم الحقيقية ومعاناتهم اليومية في مكان آخر. وهي ستبقى كذلك الى فترة غير قصيرة».
بعد المعارضة، ها هو اكثر من فريق ومصدر في الاكثرية الجديدة يتحدث عن قرب «انتهاء صلاحية هذه الحكومة». يبتسم احد اصدقاء الرئيس ميقاتي معلقا، «يمكن لخصوم الرئيس ميقاتي ان يرتاحوا ما دام بعض حلفائه يقومون بدورهم واكثر».

���H|� سياسية حيال التطوّرات الراهنة وإبقاء الوزير العريضي على خطّ "حزب الله" ودمشق على رغم موقف الأخيرة من جنبلاط، في حين أنّ مواقف النائب شهيّب تصبّ عند 14 آذار في كلّ سانحة، في حين يستدلّ عن عملية "توزيع أدوار" ومهمّات لنوّابه، بينما أفصح جنبلاط خلال عشاء مع أصدقائه أنّه سيواصل مناوراته السياسيّة في هذه الظروف إلى حين بلورة التطوّرات السوريّة، والى أيّ مدى سيستمرّ هذا النظام أو يسقط، مع حرصه على مواصلة التنسيق الميداني مع "حزب الله" من أجل استقرار الجبل، وهذا ما تمّ بحثه في اللقاء الأخير الذي جمعه والسيّد نصرالله. وعلم أنّ اجتماعات تنسيقيّة بين قيادتي الحزبين ستعقد قريبا لأجل هذه الغاية على رغم التباين السياسيّ بينهما، خصوصا حول مسألة تمويل المحكمة الدولية.