أسعد بشارة
الجمهورية
أمام حقل الألغام الذي قطعه مشروع تأليف الحكومة، من دون أن يتأكد الى الآن العبور الآمن نحو الولادة، تقف عقدة وزارة الداخلية، ليس فقط في اختيار الاسم، بل في أجندة عمل الوزير العتيد الذي ينتظره حقل الغام من نوع لآخر، مليء بالقضايا المتفجرة.
وليس سِرّا ان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان يريد اسما صافي الولاء في الداخلية، لا يتحوّل ولا يتلون ويلتزم الخطوط الحمر التي حاول الرئيس سليمان، وما زال، يحاول ألاّ يدع أحدا يتجاوزها، علما ان تجاوز احدها بات كافيا لتحويل الحكومة الجديدة الى مشروع انقلاب متكامل.
والوزير الصافي الولاء سيتعامل مع حملة منظمة، يقودها حزب الله وحلفاؤه في سعيهم لتغيير الوقائع في وزارة الداخلية التي بدأ بناؤها منذ العام 2005.
سيكون هذا الوزير ومرجعيته امام استحقاق مواجهة او مواكبة حزب الله والعماد عون اللذين يريدان تحقيق التغيرات الآتية في قيادة قوى الامن الداخلي وهيكليتها:
- إعادة ملء الشغور في مجلس قيادة قوى الامن كخطوة اولى تهدف الى الإمساك بهذه القيادة، وهو إمساك يصبح سهلا لأن مجلس القيادة يحتاج الى اكثرية الثلثين لاتخاذ القرارات، ما يعني ان الثلث زائدا واحدا من الأعضاء قادرون على تعطيل القرارات وإرباك المدير العام لقوى الامن الداخلي وشَلّ حركته.
- فتح ملف فرع المعلومات تحت عنوان تشريع عمله، وهذا يعني باللغة العملية توزيع الـ 1800 ضابط وعسكري في هذا الفرع على القطعات المختلفة، وإعادة عديد هذا الفرع الى ما يقارب المئة ضابط وعنصر، وبذلك يتحقق هدف إزالة هذا الجهاز الامني من الوجود بذريعة الهيكلة.
- استهداف الرجل الابرز، لا بل الرمز الابرز لقوى الامن الداخلي، اللواء اشرف ريفي الذي استلم مهمة القيادة في العام 2005، والذي يحال الى التقاعد في العام 2013، وهذا الاستهداف يمكن ان يأخذ أشكالا عدة، لعلّ أبرزها سيحدث عند بداية المَس بفرع المعلومات ورئيسه وسام الحسن. عِلما بأنّ جميع الاطراف تعرف ان اللواء ريفي يسعى لتشريع فرع المعلومات، ولكنه يرفض رفضا تاما ان يكون شاهدا على الانتقام (التعبير لوليد جنبلاط) من الحسن ومن فرع المعلومات ومن الضباط الذين حققوا كثيرا من الإنجازات، تحت طائلة ربط استمراره بموقعه باستمرار هؤلاء جميعا في مواقعهم، وإلا فإنه يذهب عندما يذهبون، وهذه الرسالة تمّ إيصالها الى ابن طرابلس الرئيس نجيب ميقاتي، والى رئيس الجمهورية الذي يتعاطى مع اللواء ريفي كأحد اقرب الضباط المتعاونين معه.
- التعامل مع السيناريو الخطير الذي وصلت بعض تفاصيله الى المعنيين، وهو المتعلق بمحاولة سوف ينفذها حزب الله للانتقام من ريفي والحسن، من خلال الضغط في مجلس الوزراء لإحالة ملف ما يسمّى الشهود الزور الى المجلس العدلي. على ان يطلب هذا المجلس، فور النظر بالقضية، توقيف اللواء ريفي والعقيد الحسن. أمام هذا السيناريو، سوف يكون الوزير، الصّافي الولاء لرئيس الجمهورية، أمام قرار بإعطاء الاذن بالملاحقة او عدمه، وسيكون لهذا القرار تداعياته المعروفة في كلا الاحتمالين.
الارجح حتى الآن ان تشكيل الحكومة الجديدة، اذا حصل، سوف يرتّب مسؤوليات كبيرة على رئيس الجمهورية والرئيس ميقاتي داخل مجلس الوزراء في التعامل مع أجندة حزب الله، وهذا الوضع نفسه سيستنسخ في وزارة الداخلية، وذلك تِبعا للملفات الثقيلة التي تنتظر الوزير الجديد، الذي لا يحتمل اختياره هامش الولاء المزدوج. وما يرشح من معلومات، يشير الى ان الرئيس سليمان قد اختار لهذه المهمة رجلا من اهل البيت، يملك تصورا محددا لكيفية ادارة الوزارة الأصعب في الملفات كافة، وابرزها تنظيم قوى الامن الداخلي إدارة الانتخابات النيابية المقبلة.