من أمام وزارة الداخليّة في الصنائع، شقّت مسيرة الحراك المدني طريقها لتعبر شوارع الباشورة، الظريف، زقاق البلاط وتصل في الختام الى ساحة رياض الصلح، المكان المعهود لإلقاء الكلمات والبيانات...
ومن أمام وزارة الداخلية، وتفادياً لقراءة عبارات "لا للخورفة" و"أنتم مطرودون" اختارت إحدى الشخصيّات السياسيّة سلوك طريق فرعيّة للمرور، مستعينةً بصراخ رجال الأمن على المارة والسائقين لإخلاء الطريق ونشر الذعر في ما بينهم.
على الشرفات، مواطنون يشهدون على مشهد لن يبدل فعليّاً في صورة الوضع السياسي إنما يبقى ضروريّاً لحماية مبدأ تداول السلطة والإنتخابات.
وفي الشارع، شباب يصرخون "لا للتمديد"، في صوتهم وفي عيونهم يأس فاضح لأنّ نبض الساحات أصبح ضئيلاً.
"سيبقى حلم تغيير الجمهورية مستحيلاً طالما هذه التحركات تنقصها الرؤيا، الإستراتيجيّة، والضغط المستمر" يقول أحد المشاركين.
بينما يرفض المشاركون رفضاً قاطعاً ربط الوضع الأمني بالاستحقاق الانتخابي ويعطون أمثلة عن دول أخرى من دون تردد مثل مصر، العراق وسوريا.
ويضيفون: "هل نمنع الناس من الصلاة في المساجد والكنائس لأنّها مهدّدة أمنيّاً؟ هل نقفل المدارس خوفاً من التفجيرات أو تعمل الدولة على حماية هذه الأمكنة؟ فالدولة مسؤولة على حماية هذا الاستحقاق وتأمين حصوله لا أن تتذرع بالأمن لتطييره".
النواب جميعهم، ومن دون استثناء، شركاء في لعبة "التمديد" الخطيرة، وحتى الكتل النيابيّة التي تصرّح عبر الإعلام عن رفضها للتمديد. "من هو ضدّ التمديد عليه الاستقالة" يقولها بصراحة أمين عام الجمعيّة اللبنانيّة من اجل ديمقراطيّة الانتخابات عدنان ملكي.
لم تشارك الأحزاب السياسيّة في هذا التحرك الديمقراطي، "فالأحزاب في حالة ترقب وانتظار ولا تريد المشاركة في حراك شعبي وتسجيل موقف، فمن يحرّكها ليس الرأي العام إنما جهات أخرى" يعلق الناشط المدني مارك ضو.
بدورها غابت الوجوه الإعلاميّة والفنيّة التي أعلنت عن تأييدها للحملة عن النشاط. وحده الممثل جنيد زين الدين كان حاضراً وعلى يده كلمة "لا".
وتوضح يارا نصار، وهي أحد المنظّمين النشيطين أنّ "قاموس التمديد دخل الى الحياة السياسيّة في لبنان وأصاب معظم المؤسسات، ولكنّ الجمعيات الأهليّة تتحرّك فقط حين يكون المركز منتخباً مثل انتخاب الرئيس ومجلس النواب"، ردّاً على سؤال عن سبب عدم شمول تحرّكهم التمديد لقائد الجيش.
وأخيراً، يبقى السؤال ماذا بعد البندورة التي رشقت بها صور النواب بعد قرار التمديد للمجلس النيابي في حزيران الماضي؟
يجيب عددٌ من القيّمين على النشاط أنّ "البندورة كانت البداية، وستتخذ خطوات صارمة لاحقاً، ومنها منع النواب من الوصول الى البرلمان. فالوكالة انتهت وحان موسم حصاد الأصوات!