كتب ريكاردو الشدياق في موقع mtv:
خرجَ حُكم المحكمة الدوليّة في قضيّة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بإسم مرتكبٍ واحد هو سليم عيّاش. في الشكل، يُذكّر الأمر بإسمٍ واحد منفّذ طبَع اغتيال رئيس الجمهوريّة بشير الجميّل الذي نُشرف على الذكرى ٣٨ لانتخابه، وهو حبيب الشرتوني.
لا نتوهّم أنّ المنظومة نفسها التي تحكم الدولة وأجهزتها منذ ٣٠ عاماً ستجرؤ اليوم، مع نهاية فصولها، على القبض على عيّاش بطلب من المحكمة الخاصّة بلبنان. إنتظَر الجميع حُكمَ لاهاي مُتناسين أنّ نواة المسألة ليست في قرار قضائيّ دوليّ مُهمّته البناء على أدلّة وبراهين ويخرج من هولندا، بل في قرارٍ عميق مُتَّخَذ ومدروس بعدم تسليم قاتل الحريري من قبل السلطات اللبنانيّة، إن كان لا يزال في لبنان ويحظى بتغطية مُحكَمة في إحدى المناطق كما قيل سابقاً، أو إن كان قد غادر البلد باتّجاه سوريا، مع وجود فرضيّة تصفيته.
قضيّة عيّاش "بعدها طازة"، لكنّ حبيب الشرتوني إسمٌ مكشوف ومتورّط منذ العام ١٩٨٢ بوضع العبوة المتفجّرة في بيت الكتائب في الأشرفيّة بالتكافل والتخطيط مع المدعو نبيل العلم للإطاحة بالجميّل في ١٤ أيلول، بعد ٢١ يوماً من وصوله إلى رئاسة الجمهوريّة.
الجمعة ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٧، أصدر المجلس العدلي في بيروت حكم الإعدام بحق المتَّهمَين الشرتوني والعلم، وجرّدهما من حقوقهما المدنيّة، مع التأكيد على إنفاذ مذكرة إلقاء القبض الصادرة بحقهما.
قد لا يتّفق البعض مع مقاربة ملفَّي اغتيال الجميّل والحريري، إلاّ أنّ الحُكم في ملف رئيس جمهوريّة شهيد صادر عن القضاء العدليّ اللبناني وسبقته مقابلات صحفيّة عدّة مع الشرتوني، إحداهما مع صحيفة لبنانيّة معروفة بتموضعها السياسي، من دون أن تتحرّك السلطة القضائيّة المعنيّة للمساءلة حول مكان تواجده، أو التواصل مع أصحاب المقابلات للإستقصاء حول كيفيّة الإتّصال بالمتّهم الغائب عن الأنظار منذ تشرين الأوّل من العام ١٩٩٠، أو تمّ الإجتماع به شخصياً، في لبنان أو خارجه... سيّما أنّ هناك معلومات منشورة سابقاً عن دخوله إلى لبنان مرّات عدّة، فهل قُبِضَ عليه؟ مَن علِمَ بدخوله ولم يأمر بتوقيفه؟
في مُطلَق الأحوال، مشكلة ومهزلة بحقّ السلك القضائيّ وأسئلة لم يطرحها أحد حول الجهة التي تحمي المتّهم وتعلَم أين عنوانه وتُخفيه وتضع حاجزاً منذ ٣٠ عاماً أمام مَن تعاقبوا على السلطة لطرح الموضوع ومحاولة معرفة مكان المتّهم.
الثقة بالمنظومة السياسيّة تبدأ بالثقة بالأجهزة القضائيّة، وطالما أنّ الثانية انعدمت فالأولى سقطت كلياً... حتّى إشعارٍ جديد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك