البطريرك يونان في رسالة الصوم: نسأل الله أن يبسط أمنه ويجنبنا الأمراض
24 شباط 2020 08:43
وجه بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان رسالة الصوم الكبير والتي دعا فيها كل مؤمن إلى أن يكون شريكا في خدمة المصالحة والعمل على إتمامها. وقال "إن السعي نحو المصالحة ما هو إلا تحقيق لإرادة الرب يسوع. ولأن المصالحة بين بعضنا هي من عمل الروح القدس فينا، فالرب، الذي تغلب على مكائد الشرير بصومه أربعين يوما في البرية، يدلنا على الطريق التي يجب علينا اتباعها. ولا يسعنا وقد بررنا الله وصالحنا مع نفسه، أن نقف متفرجين ننتظر ما تحدثه محاولات المصالحة التي يسعى إليها القريبون منا ومجتمعاتنا. بل يجب علينا أن ننطلق - والروح القدس مرشدنا - في مسيرة توبة حقيقية مفتخرين بالله، بربنا يسوع المسيح الذي به نلنا المصالحة (رو5: 11)، كي نكتشف من جديد نعم الله السخية في صومنا، ونتطهر من الخطيئة التي تعمينا، ونخدم المسيح الحاضر في كل محتاج إلى محبتنا، فنساهم، بالعمل قبل الكلام، في مواساة الحزانى والتخفيف من آلامهم الناتجة عن الظلم ومآسي الحروب والفقر.
إن العلامة التي تدل على أننا نحب الله هي أن نحب القريب. ونحن، إذا كنا على خصام بعضنا مع بعض، لا يمكننا أن نكون متصالحين مع الله. وإذا كان في جماعتنا خلاف وانقسام، فهذا يعني أننا لم نفهم شيئا من عمل يسوع الفدائي من أجلنا!
من هنا، فالمصالحة هي تجديد عهد المحبة بين الله والإنسان بعد قطيعة وابتعاد، وهي الإقامة والسكنى في بيت الآب، والعلامة الساطعة لتلمذتنا للمعلم الإلهي يسوع مخلصنا، كما أنها تدبير الله لحياتنا الشاهدة لمحبته وخلاصه.
الصوم زمن المصالحة في عالمنا اليوم:
لا يسعنا إلا أن نتألم لما يكتنف عالمنا اليوم من خطايا الكبرياء والتسلط والاستئثار والتعديات العلنية والخفية على حقوق الإنسان الضعيف. وإننا نتساءل كيف تتم المصالحة بين الأفراد والشعوب، وجرائم الأقوياء لا تزال تنشر الظلم والمآسي؟ إننا كمسيحيين نشارك جميع ذوي الإرادة الصالحة في المسؤولية من أجل تحقيق مصالحة صادقة حولنا، في مجتمعاتنا وفي أوطاننا.
في خضم تأملنا بسر المصالحة، ونحن ننطلق في زمن الصوم المقدس، تتوجه أنظارنا وأفكارنا وقلوبنا إلى أبنائنا وبناتنا حيث أرادتهم العناية الإلهية، في بلاد الشرق وعالم الانتشار، وخاصة أولئك الذين عانوا ولا يزالون يعانون بسبب الحروب والأزمات والاضطهادات وأعمال العنف والخطف والقتل، والذين قاسوا آلام الهجرة والتهجير القسري عن أرضهم ووطنهم إلى بلاد أخرى. نذكرهم جميعا في صلواتنا، ونسأل الله أن يخفف آلامهم ومعاناتهم، وأن يبسط أمنه وسلامه ومصالحته في العالم كله، فتنتهي الحروب وتزول الخصومات، ويسود السلام ويعم الوئام وتملك المحبة.
كما نصلي من أجل أن يجنب الله العالم بأسره أخطار الأمراض والأوبئة، ولا سيما فيروس كورونا الذي تفشى في هذه الأيام في أماكن عدة في العالم، مهددا الأمن الصحي والسلم العالمي، داعين بالشفاء العاجل والتام للمصابين به. حمى الله العالم من كل خطر ومكروه.
في مستهل زمن الصوم، نرفع إليك صلاتنا يا رب، ونسألك أن تؤهلنا كي نجدد التزامنا في السير على دربك، جاعلين سرك الفصحي يحولنا، فنتغلب على الشر، ونميت فينا الإنسان القديم المرتبط بالخطيئة، ونحيي "لإنسان الجديد المتحوِل بنعمة الله، كما حولت الماء إلى خمر لذيذ وأبهجت المدعوين في عرس قانا الجليل.
فلنردد مع الكنيسة طلبة مار يعقوب السروجي الخاصة بالصوم: ربنا تحنن علينا، يا ابن الله الذي بصومه حررنا، يا مسيحا صام من أجلنا، أشفق علينا وارحمنا جميعا".
ختاما، نسأل الله أن يتقبل صومكم وصلاتكم وصدقتكم، ويؤهلنا جميعا لنحتفل بفرح قيامته من بين الأموات. ونمنحكم، أيها الإخوة والأبناء والبنات الأعزاء، بركتنا الرسولية عربون محبتنا الأبوية".