"الجنرال" الراحل... وقانون الانتخاب المفقود
داني حداد
26 نيسان 2017 07:12
يرسم مصدرٌ سياسيٌّ رفيع صورة قاتمة جدّاً عن الأسابيع القليلة المقبلة. يقول، بلهجةٍ قريبة من الجزم، إنّ لا قانون انتخاب سيبصر النور، قبل أن يضيف أنّ سقف الممكن هو ولادة قانون ستّين مع عمليّة تجميلٍ طفيفة، في الأيّام الأخيرة قبل موعد الخامس عشر من أيّار المفصلي.
في مثل يوم أمس، 25 نيسان، توفّي فؤاد شهاب في العام 1973. قبل خمسة أعوام تماماً، وقف جان عبيد خطيباً في الأونيسكو، ليقول عن "جنرال" ذلك الزمان "ألبسه الله مهابة الطلعة والطلّة وأكسبه بلاغة العمل والصمت في آن"، لافتاً الى أنّه، يوم وفاته، كان "خائفاً على وطن لم يستطع حمايته من شعبه، وعلى شعب لم يستطع صونه من فرقته". لعلّ خوف فؤاد شهاب كان في محلّه. بعد عامين على ذلك الرحيل، دخل لبنان في حفلة جنونٍ طالت كثيراً.
ما من أحد تذكّر فؤاد شهاب في الأمس. لعلّ من يجب أن يتذكّروا خافوا من الذكرى. بعضهم خاف، ربما، من المقارنة. فشهاب، وهو أول قائد للجيش ينال لقب الفخامة، ظلّ يرى الدنيا من تحت، وحرّم على نفسه الفساد قبل أن يحرّمه على الآخرين. أعطى درساً في الصمت ودروساً في الكلام، من دون شبهات وأقرباء ورغبات، له ولهم.
لا تجوز مقارنة فؤاد شهاب بأحدٍ في هذه الأيّام. هو يُظلَم وهم يظلَمون في ذلك. فساسة هذه الأيّام أعجز من إقرار قانون انتخاب. يقول المصدر السياسي المواكب لكواليس الاتصالات إنّ "قصّة القانون أبعد من كسب مقعدٍ في دائرة، وخسارة آخر في أخرى". يعتبر أنّ القانون اليوم، بعد التحوّل في المشهد السياسي وسقوط قطبَي 8 و14 آذار والاتفاق المسيحي، من شأنه أن ينتج نظاماً سياسيّاً جديداً وهذا ما لا يقبل به بعض الفرقاء، مشيراً الى أنّ تحقيق أكثريّة مسيحيّة أمر، ببساطة، ممنوع ولو كان ثمن ذلك إسقاط الصيغة الانتخابيّة تلو الأخرى، وهذا ما يحصل حتى الآن وسيستمرّ ولو كان ثمن ذلك تمديداً أو فراغاً أو أيّ احتمالٍ ثالث.
تدنّى السقف كثيراً منذ عهد فؤاد شهاب. بل يكاد السقف ينهار على مَن فيه. يشير المصدر الواسع الاطلاع الى أنّ لبنان مقبلٌ على مجهول. لا يعرف تماماً ما سيكون ثمن التمديد المنتظر، وكيف ستُترجم لاءات رئيس الجمهوريّة، ومنها لاء التمديد. قال الرئيس ميشال عون لا يحلم أحد بالفراغ أو التمديد. كان فؤاد شهاب مغامراً في الحلم. قال عنه جان عبيد، أيضاً، إنّه "آثر الكلفة الاقل والمردود الاكثر وابتعد عن التأزيم والتقسيم والتفرقة، ومارس في ذلك كلّه الحلم والاناة والصبر في عهده، وبعضها طَبْعٌ وبعضها نعمة، وكلّها فضائل وأفضال من نتاج علوّ الهمّة وعمق الايمان، بذلك انتصر بسيرته وعدالته على مناوئيه وردّ بحلمه وصبره على المتجنّين عليه فضاعف المعترضين عليهم وأضعف المعارضين له".
في ذكرى فؤاد شهاب، بعضٌ من عبرة لمن يعتبر. وفي ذكراه، أيضاً، حكومة لا تجتمع ومجلس لا يلتئم، وتمديد على الطريق. رحمه الله ومنحنا، من بعد الكبار، طول الصبر على الصغار والصغائر.