روي يستعيد هيبة "دولة الاوادم"
نصري لحود
17 حزيران 2017 11:05
باتت شوارع لبنان وطرقاته وبعض بيوته مسرحاً لابشع الجرائم التي تتكاثر بشكل بات ينذر ان من يرتكبها في كل المناطق ومن كل الطوائف، لا يهاب قانوناً ولا يستهاب دولة ولا يعمل حساباً لدمعة ام أو اخت أو زوجة أو زوج، أو طفل لم يشبع من حنان ام أو والد أو اخ!
ليس صحياً، ولا مسموحاً ولا مقبولاً ان تصبح صورة لبنان بلد السياحة الاصطياف امام العالم، تشير إلى ان حياة الانسان فيه رخيصة إلى حد ارتكاب جرائم إغتصاب بلا وعي، وقتل بسبب افضلية مرور أو خلافات زوجية أو عقارية وصولاً إلى شجار على طريق فيه عجقة سير أو بسبب فنجان قهوة!
ليست الجريمة المروعة التي ارتكبت في حق ابن الـ 24 ربيعاً روي الحاموش الاخيرة، وهي ليست الاولى التي ترتكب بدم بارد ولسبب تافه اودت بحياة شاب كان يحتفل بعيد ميلاده ويستعد لحفل تخرجه مهندساً لينطلق في الحياة مكافحاً، قبل ان يخطفه الموت على يد مريض لم يعرف يوماً معنى تعب عائلة لبنانية لتربي ابنها وتعلمه وتوصله إلى ان يكون رجلاً تفتخر به، وليس ضحية على طريق بسبب افضلية مرور.
ليس السلاح المتفلت والواجب سحبه من يد الناس وحده سبب ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة، التي تُشكر القوى الامنية من جيش وقوى امن وامن عام على كشفها بسرعة قياسية تفوقت فيها على دول اوروبية متقدمة تكنولوجياً وتقنياً، بل هناك امور اخرى يجب معالجتها وتعديل قوانينها، والتشدد في تطبيق القوانين الحالية إضافة إلى تشريع قوانين جديدة تحاكي حماية الناس وصورة البلد وتردع الزعران عن قتل الاوادم.
لن تكون جريمة قتل روي الحاموش الاخيرة، لكن يمكن القول انها شكلت منعطفا في مسار الإجرام بعد التعاطف والحملات الكبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي اظهرت ان الرأي العام اللبناني يعي ان حل المشكلة يكون عبر الدولة، و"انتفاضة الاوادم في وجه الزعران" هي رسالة من شعب إلى دولته التي لا يزال يؤمن بها، يحب ان تواكبها الدولة بإجراءات رادعة وعقوبات قاسية، وإلا سنصبح في غابة يحكمها الأقوى لا عدل فيها ولا قانون، وهو ما لا يريده اللبنانيون باغلبيتهم الساحقة وبينهم اهل روي الذين قالوا ان لهم ثقة بالدولة والقضاء ودم ابنهم لم يجف بعد، وهم الاوادم الذين لجأوا إلى الدولة لاخذ حقهم وليس إلى الثأر وهي تمثل صوت "الاوادم" في البلد.
ومن يتابع التعليقات على الجريمة البشعة يتأكد ان الشعب لا يزال يؤمن بدولته واجهزتها الامنية وبالقضاء لكن إيمانه بدأ يخف بسبب خفة يد المجرمين!
لم تكن جريمة مقتل روي قضاءً وقدراً بل هي من فعل ما يجب على الدولة مكافحته والتشدد في مكافحته ورصد ما يلزم من مال واجهزة لذلك، وفي اعتقادنا ان السلاح المتفلت ليس هو السبب الرئيسي الوحيد، بل من الاسباب الرئيسية ايضاً المخدرات التي باتت كما يقال على ابواب المدارس والجامعات وهي التي تؤثر في عقول من يحملون سلاحاً لانهم يرتكبون جرائمهم البشعة تحت تاثير المخدر فيما القوانين عندنا لا تعتبر من يتعاطى المخدرات مجرماً بل مريضاً وهي بذلك تساعده على ان يصبح مجرماً!
ليس مروجو المخدرات فقط هم المجرمون الذين يجب معاقبتهم وسجنهم، بل على الدولة ان تجرّم المتعاطين ايضاً، لان لا نفع ان ننتظر ليصبح المدمن "المريض" مغتصباً أوقاتلاً لنحاكمه، بل علينا الا ندعه يصل إلى حد الإجرام بلا وعي ولا تفكير.
ما نشر على صفحة رئيس البلاد على مواقع التواصل الاجتماعي، وما صرح به من ان كل مجرم سيحاسب وان التدخل مع القضاة ممنوع، ولا غطاء ولا حماية لاي مرتكب وان عقوبة القاتل ستكون رادعة، وكلام وزير الداخلية الملمح إلى عودة اعتماد عقوبة الاعدام، هو الخطوة الاولى على طريق عودة لبنان بلداً خالياً من المخدرات والسلاح، الكلمة الاولى والاخيرة فيه للدولة وليس لدموع اهل فقدوا عزيزاً قد يتكرر مشهده في اي يوم.
نعزي عائلة روي الصغيرة وعائلته الكبيرة التي صارت كل "الاودام" في البلد ونؤمن انها ستكمل مسيرة النضال من اجل لبنان الذي يريده "شعب الاوادم"، كما نؤمن ان شقيقه جوي سيكمل مسيرته وهو فخور مثلنا أن دم روي لم ولن يذهب هدراً.