تعاون "موضعي" بين الصيفي وبنشعي
12 تشرين الأول 2018 15:35
ليست حرب تناتش الحصص الحكومية الصورة الوحيدة التي تتصدر المشهد المسيحي في الفترة الأخيرة. ففي وقت ينبري التيار الوطني الحر بلا هوادة إلى مواجهة شريكه في اتفاق معراب لأسباب وزارية تحاصصية جعلت مصالحة العام 2016 تهتز على حبال الخلافات، ينشغل خصومه بنسج خيوط مصالحات مسيحية - مسيحية مطلوبة لطي صفحة "سوداء" أغرقت الساحة المسيحية بدماء كثيرة، عمّقت الشرخ بين أبناء البيت الواحد.
وقد بادر الجيل الجديد من النواب المنضوين في الأحزاب والقوى المعنية بهذه المصالحات إلى تهيئة الأجواء المناسبة على نار هادئة. فكان أن بادر النائب نديم الجميل إلى القيام بخطوة شجاعة في اتجاه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ونجله النائب طوني فرنجية، وهو ما اعتبر أول غيث طي صفحة ما عرف بـ"مجزرة إهدن بعد 40 عاما على وقوعها". بادرة نبيلة استكملها رئيس الكتائب النائب سامي الجميل باجتماع مع آل فرنجية أطلق العنان لتعاون تصفه الصيفي بـ"الموضعي" في بعض الملفات الضرورية كالاقتصاد ومكافحة الفساد. على أن أهم ما في هذه "المصالحة" يبقى في توقيتها حيث أنها تتزامن مع الاستعدادات للقاء المنتظر بين زعيم بنشعي ورئيس القوات سمير جعجع لفتح صفحة جديدة من العلاقات بينهما، وإن كان فرنجية أعلن في مرحلة سابقة "أننا نسامح ولا ننسى".
وإذا كان الأطراف المعنيون الثلاثة يلتقون على الاعتراض على بعض مواقف وممارسات التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، فإن الكتائب تبدو حريصة على التأكيد على أن التواصل مع المردة والقوات لا يهدف إلى تكوين جبهة معارضة في مواجهة العهد وأركانه، بل إنه التقاء موضعي على بعض الملفات. وقد نوقش بعض منها إلى مأدبة غداء جمعت أمس النائبين سامي الجميل وطوني فرنجية، في حضور الوزير السابق يوسف سعادة وعضو المكتب السياسي الكتائبي سيرج داغر.
وفي السياق، أوضح داغر لـ"المركزية" أن "التواصل قائم مع تيار المردة. وفي خلال الزيارة التي قمنا بها إلى بنشعي منذ شهر، أثرنا مع النائب السابق سليمان فرنجية موضوع التنسيق في المرحلة المقبلة، وفي هذا الاطار يدرج الغداء الذي جمعنا أمس".
وكشف داغر أن "البحث تناول احتمالات التنسيق في شأن بعص القوانين في مجلس النواب، والمخاطر الاقتصادية التي تعانيها البلاد وكيفية معالجتها".
وردا على الكلام عن أن هذا الإلتقاء يجمع طرفين لا يلتقيان اسراتيجيا، بما يدفع إلى توقع تغيرات في تموضعهما السياسي المعروف، أشار داغر إلى أن "المردة يعرفون موقفنا من الثوابت الأساسية، تماما كما نعرف تموضعهم إزاءها. وإذا كنا نختلف على ملف العلاقة مع سوريا، فإن هذا لا يعني أننا لا نستطيع التعاون في ملف مكافحة الفساد، والمواضيع الاقتصادية"، لافتا إلى أن "بانتخاب رئيس من 8 آذار كسر الأفرقاء المنضوون تحت راية 14 آذار هذا "التابو". ونحن قلنا في السابق إننا سنتعاون مع الأفرقاء على الملفات التي نلتقي عليها معهم".
وشدد على أن "الهدف ليس مواجهة الوزير جبران باسيل، بدليل أننا اليوم على تواصل مع كثير من الفرقاء بينهم المردة والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وسواها، علما أن قبل الانتخابات النيابية بلغ اشتباكنا مع التيار حدة أكبر مما هو عليه اليوم. كل ما في الأمر أن البلد يواجه خطر الافلاس، ما يعني أن ما يجري أبعد من "سخافة تشكيل الحكومة"، لافتا إلى أن من الممكن لأن نتعاون مع التيار في ملف عودة اللاجئين، خصوصا أننا كنا أول من أثار المبادرة الروسية قبل نحو عام في لقاءات رئيس الكتائب في موسكو".