رسائل من قائد الجيش إلى الرئيس والعسكريين والشعب
21 تشرين الثاني 2018 11:45
أشار قائد الجيش العماد جوزيف عون متوجّهاً إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بالقول: "على عاتق عهدكم مسؤوليات جسام ملقاة، ليس أقلها استكمال المهمات الوطنية.. فمسيرة وطننا بكل تعقيداتها أثمرت دولة، مع كل الضغوط التي عرفتها، نجحت في بلورة نموذج مجتمعي متطور"، وتابع: "إنّ الاستقلال الحقيقي يحقق معناه وغرضه في مواصلة الجهود، مؤمنين أن ما تحقق ليس سوى خطوات أولى، تزيدنا ثقة وتفاؤلا واصرارا على الاستمرار في مسيرة بناء المؤسسة وتحديثها، التي بدأت ولن تتوقف بفضل دعمكم".
وخلال إزاحة الستار عن النصب التذكاري للاستقلال في وزارة الدفاع الوطني، قال قائد الجيش: "في مثل هذه الايام من العام 1943، هبّ اللبنانيون ثائرين، مؤكدين العزم والارادة على العيش احرارا، فكان نضالهم في سبيل هدفهم، وكان لهم ما أرادوا. وفي هذه المناسبة العزيزة نؤدي واجب الوفاء لأبطال ما استكانوا ولا خضعوا لمحتل، لاحرار رفضوا الذل والظلم بشجاعة وصانوا الحق والعدل بقوة، رافعين اسم لبنان عاليا ليبقى قلعة للحرية والسلام، مساحة للحوار والتفاعل الحضاري، منارة اشعاع وتسامح انساني.
وبقدر ما تبعث فينا هذه الذكرى مشاعر الفخر والاعتزاز بأمجادنا ومآثرنا، بقدر ما تستوقفنا لاستقراء التاريخ واستخلاص العبر".
وأضاف: "صحيح أنّ الاستقلال جاء تتويجا لملاحم تاريخية امتدت عبر أجيال متعاقبة، الا أن الاهم يبقى واجبنا في استكمال السيادة، في معارك قد يكون بعضها سلميا وبعضها الآخر دمويا، ليتجسد الاستقلال واقعا".
كما أشار إلى أنّه "وجب علينا أن نحمي المكاسب وأن نرتقي بها، على رأسها الدولة بمؤسساتها، باعتبارها الضامن الوحيد لاستمرارية المجتمع وتماسكه، وأمنه الذي نجحت القوى العسكرية والامنية في ارسائه املا في استثماره في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية حفاظا على ما تحقق من انجازات ومكاسب. ولا يسعني الا التأكيد أن الخطوات الايجابية التي قطعناها وجدت انعكاسها وامتدادها في ما بذل من جهود مكثفة، وما تحقق من نجاحات مشهود لها على المستوى الخارجي، فنلنا الثقة والتقدير والاعجاب، ودعما لا محدودا في المجالات كافة".
وتوجّه إلى العسكريين بالقول: "في رحلة الخمسة والسبعين عاما من عمر الوطن ما خذلتموه يوما، حريصين دوما على تلبية النداء متى دعا الواجب، أوفياء لقسمكم ولرفاق حملوا قدرهم بحجم مساحة أرضنا، وأحلام شعبنا، وشغف كرامتنا، فاستحقوا الشهادة مسجلين أسماءهم في سجل الخلود. شعبكم اليوم يتطلع اليكم بفخر وإباء بعدما دحرتم الارهاب بوجهه العسكري ودمرتم البنية التحتية لخلاياه الامنية، في الوقت الذي بقيت قبلة أعينكم الحدود الجنوبية حيث العدو الاساس. انتصارات تفرض علينا مزيدا من اليقظة في ظل التطورات الاقليمية بتداعياتها الداخلية، في موازاة تحررنا من أعباء الماضي الثقيل في مسيرة النهوض بالمؤسسة، مستقبلكم ومستقبل اولادكم"، وتابع قائلا: "كونوا المثل الصالح والقدوة في مجتمعكم... أنتم صمام الأمان ودرع الوطن الواقي... فقوة الوطن من قوة جيشه".
أمّا للّبنانيين، فقال قائد الجيش: "إن ايماننا راسخ في إرادتكم التي ما أخلفت وعدا، فشرفتمونا بثقتكم الغالية مزكّين خطواتنا بقناعة ووفاء، لا يشوبه شك او تردد، فكنتم شركاء أساسيين في الانتصارات. ولأنّ الأمن شرط أساس لأي استقرار، أناشدكم من منطلق مسؤولياتي وأدعوكم الى تجديد ثقتكم بالجيش، الذي كان وسيبقى الى جانبكم سندا لكم للوصول الى تحقيق الأمان الكامل وترسيخ شروط الحياة الطبيعية المنتظمة بشكل دائم. قوتنا في التفافكم حولنا، حافظوا عليها بعد أن تعمدت بدماء ابنائكم واعملوا على تحصينها".
وأضاف: "صفحة جديدة تطوى من رسالة سماوية أرادها الخالق فوق تلك الارض التي أسماها لبنان، لتزهر عزة وكرامة، فخرا واباء. ولأننا نؤمن أن الاستقلال حالة مستمرة من الانجاز والبناء قدرنا أن نواجه التحديات بالارادة ونحولها الى فرص لنمضي الى المستقبل بعزيمة وايمان، كل من موقعه. فحب الوطن مقياسه حجم عملنا وعطائنا لحاضره ومستقبله، حب يعبق بروائح ماض عريق لم تنحن قامات أبنائه أمام الصعاب والتحديات".
وتابع: "باسمكم جميعا، اسمحوا لي أن أعبر عن امتناننا وشكرنا للذين دافعوا وناضلوا من اجل تحررنا من كل معتد على حقوقنا. باسمكم جميعا اسمحوا لي أن أعبر عن تصميم كل اللبنانيين ووفائهم، على تمسكهم بمشروع بناء الدولة والمؤسسات، على قرارهم بمواصلة ملاحم البطولة لبناء وطن يفخر بنا ويكبر، نفتخر به ونكبر، لا كإرث من الآباء والاجداد بقدر ما هو أمانة نحفظها لاولادنا وأحفادنا. باسمكم جميعا، أنحني إجلالا أمام من أوفوا بالعهد للوطن، ما ماتوا أبدا، انما هم الروح الطاهرة التي ترفرف في سماء بلادي حرية وسلاما، وتنبت في أرضها خيرا وازدهارا".
وختم قائد الجيش قائلا: "اليوم في العام 2018، يهبّ الشعب ذاته ثائرا ومؤكدا عزمه على العيش حياة لائقة، مناضلا في سبيل ذلك، وسيكون له ما يريد. الرحمة والخلود لشهدائنا الابرار والمجد والكرامة لوطننا لبنان بخمسة وسبعين سنة استقلال، ولآخر الدني... عشتم وعاش لبنان".