المطلوب... "حاجز بربارة" جديد!
سينتيا سركيس
6/18/2020 6:30:01 AM
كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
قصصٌ كثيرة ارتبطت بالحرب اللبنانية، بعضها حقيقي وواقعي، وبعضها الآخر من نسج الخيال. ورغم ان لا اتفاق على فصولٍ كثيرة من تاريخ لبنان إلا أن بعضها يصبح سهل القراءة والتمحيص، متى عاد المشهد نفسه ليتكرر في الظروف نفسها وفي المكان نفسه، في لبنان المنهوب.
ما عُرف، أيام الحرب، بـ"حاجز البربارة"، ألصقت به روايات كثيرة، حتى انه شكّل، وبعد مرور 22 عاما، مادة للتجييش خلال حملات انتخابية. وما سنكتبه اليوم ليس دفاعا عن أحد، إنما بسبب تشابه الظروف التي ارتبطت يوما ما بالحاجز المذكور، بالتي نعيشها اليوم!
في أواخر السبعينيات، أقام حزب "الكتائب" "حاجز البربارة"، ولاحقاً بات الحاجز تابعا لـ"القوات اللبنانية". في أحد الأيام من العام 1987، إتصل وزير الاقتصاد فيكتور قصير بقائد الحزب سمير جعجع، ووضعه في صورة ما يحصل، حيث كانت الدولة، كما اليوم، تدعم القمح، غير ان تهريب الخبز إلى سوريا وقبرص كان، كما يحصل اليوم تماما، على عينك يا تاجر. وطلب قصير من جعجع أن يتدخل بمعرفته، بهدف منع استنزاف الاقتصاد وحماية خبز اللبنانيين. فاتُخذ القرار يومها وتم الإيعاز بالآتي: "يحق لكل مواطن ينتقل شمالا بربطتين من الخبز يوميا، على ان تُصادر كلّ ربطةٍ زائدة عن الاثنتين المسموح بهما". وهكذا كان!
للأسف، ورغم مرور 33 عاما على حكاية التهريب تلك، ها إننا نعيش اليوم السيناريو نفسه لا بل وفي ظروف أسوأ. فبينما يرزح اللبنانيون تحت الفقر والبطالة والمستقبل المجهول في زمن أقل ما يقال عنه إنه بائس... يُهرّب خبزنا إلى سوريا على مرأى ومسمع من السلطة، ولا من يحرّك ساكنا. وبينما يستنزف احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة لضخ دولارات قد يكون مصيرها خلف الحدود، لا تزال السلطة تقف متفرجة لكأن ما يحصل لا يعنيها، دافنة رأسها تحت الرمال.
ومن هنا، فإنّ ما نحن في أمسّ الحاجة إليه اليوم قبل الغد، هو "حاجز بربارة" جديد! نعم، حاجزٌ يعيد للدولة هيبتها، يبسط من خلاله الجيش سلطته وبقبضةٍ من حديد... يمنع أيا كان من سرقة خبزنا ومازوتنا... يمنع التهريب والفجور السياسي اللا محدود... نريده أن يحمي طعامنا وأمننا وحقوقنا ويبرهن أن لبنان ليس ساحة أو مجرّد طريق لإنعاش أنظمة بالية وأنه ليس مسخّرا لمشاريع واهية لا تهمّنا ولا تعنينا ولا تجلب لنا إلا الخراب. نريد "حاجز بربارة" في كل نقطة تشكل طريقا معبّدة لـ"الحراميّة الوقحين" إلى خارج الحدود!
نريد من أحدٍ أن يفعلها، من رجل دولةٍ حقيقي، من صاحب ضمير، من وطنيّ... ومن قويّ إن وُجد!