ميقاتي يرفض حكومة بأي ثمن... ولن يسمح باستنزافه
محمد شقير
7/24/2021 6:44:00 AM
كتب محمد شقير في "الشرق الأوسط":
يفترض أن تتلازم عودة الرئيس نجيب ميقاتي إلى بيروت مساء اليوم مع حسم موقفه من ترشحه لتشكيل الحكومة الجديدة قبل أن ينطلق رئيس الجمهورية ميشال عون في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتأليفها بعد غد الاثنين ما لم تطرأ معطيات معطلة لتبرير ترحيلها إلى موعد لاحق.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مقربة من رؤساء الحكومة السابقين بأن ميقاتي سيلتقيهم في لقاء مفتوح يأتي استكمالاً لتواصله معهم أثناء وجوده في اليونان يعقبه لقاء حاسم برئيس المجلس النيابي نبيه بري على أن يوسع مشاوراته لتشمل الكتل النيابية لما تتمتع به من تمثيل وازن في البرلمان، مع أن رؤساء الحكومات يحبذون ترشحه لتوليه تشكيل الحكومة استناداً إلى خريطة الطريق التي كانوا رسموها معاً قبل أن يعتذر الحريري الذي أيد ترشحه أسوة بتأييده للرئيس تمام سلام الذي بادر إلى الاعتذار لأنه لا مجال للتعاون مع عون ووريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل.
واتفق الحريري وبري - كما تقول المصادر - على مواصلة التشاور من دون أن يقفل الباب في وجه طلب بري للاتفاق على اسم المرشح البديل.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن ميقاتي يتمتع بمروحة واسعة من الاتصالات العربية والدولية يفترض أنه اعتمد عليها خلال وجوده في اليونان رغبة منه في استمزاج رأي المجتمع الدولي ليؤمن لحكومته في حال قرر الترشح لرئاستها شبكة أمان سياسية واقتصادية لا غنى عنها من وجهة نظره لتأمين الانتقال بلبنان من مرحلة التأزم إلى الانفراج على مراحل آخذاً بالمواصفات والمعايير التي ينطلق منها المجتمع الدولي لمساعدة لبنان لأنه لن يقدم مساعدته لبلد ما زالت سلته مثقوبة وغير قادر على إنقاذه ما لم تبد الأطراف المعنية كل استعداد لمساعدته على أن تترجمه إلى خطوات ملموسة.
وتلتقي المصادر ذاتها مع مصادر سياسية أخرى بقولها بأن ميقاتي لن يسمح باستنزافه ويصر على تحديد جدول زمني لن يكون مديداً لتشكيل الحكومة وإلا سيضطر إلى اتخاذ الموقف المناسب، خصوصاً وأنه ينطلق من رفضه لمبدأ المحاصصة واقتطاع حكومته إلى جوائز ترضية، وهذا ما يلتزم به شخصياً لإسقاط ذرائع الآخرين لئلا تتحول حكومته إلى جزر سياسية.
وتوقفت المصادر أمام إحجام حزب «القوات اللبنانية» عن تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة رغم أن علاقة رئيسها بميقاتي جيدة ولم تكن مقطوعة في يوم من الأيام، فإن «حزب الله» يسير على خطى موقفه بدعم الحريري من دون أن يسميه، إلا إذا حصل تطور ليس في الحسبان يدفعه لإعادة النظر بموقفه مع تأكيد مصادر الحزب بأنها تبدي مرونة وانفتاحاً في تعاونها معه وكانت خبرته عن كثب لدى مشاركته في الحكومة التي شكلها في العام 2011، وربما قد يميزه عن تعامله مع الحريري على قاعدة رفضه المفاضلة بين ميقاتي وأي مرشح آخر.
كما أن «حزب الله» لم يعد يمتلك القدرة على المناورة في تلطيه وراء تعطيل عون وباسيل لمهمة الحريري في تشكيله للحكومة، وتعزو المصادر السبب إلى أمرين: الأول يتعلق بعدم قدرته على مراعاة حليفيه إلى أقصى الحدود لأن الغالبية أكانت نيابية أو شعبية تحمله مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة وبات عليه الحصول على ما يبرئ ذمته لرفع المعاناة عن اللبنانيين ومن بينهم «الحاضنة الشعبية» للمقاومة.
ويبقى أخيراً التوقف أمام موقف عون و«التيار الوطني» من تسمية ميقاتي، وماذا إذا كانت «الكيمياء السياسية» المفقودة بينهما ستطغى على موقفهما منه مع مفعول رجعي؟ أم أنهما سيبديان ليونة إذا ما أيقنا بأن «حزب الله» ليس في وارد مراعاتهما وصولاً إلى «تلغيم» مهمة ميقاتي الإنقاذية؟ مع أن عون وفريقه السياسي لن يتمكنا محلياً وخارجياً من مواصلة الاستعصاء على تشكيل الحكومة وإن كان يعتقد وفريقه بأن السقف السياسي الذي رسمه الحريري لمهمته سيكون حاضراً لدى ميقاتي لالتزامه وزملائه في نادي رؤساء الحكومات بنفس المعايير.