لبنان الأجداد وليس الأحفاد
جوزيف متني
9/9/2021 10:19:40 PM
كتب جوزيف متني:
اليوم جلست مع كارلوس غصن. شخصية عالمية مثيرة للجدل بسبب ما حدث معه في السنتين الاخيرتين من منع سفر وتوقيف في طوكيو ومن ثم تهريبه إلى لبنان بطريقة "جيمس بونديّة."
وقبل الجلسة في مكتب وزير الصناعة، استقبلته أمام مدخل الوزارة وصعدنا سويّة بالمصعد إلى الطابق العاشر وتبادلنا الحديث في رحلتنا الكهربائيّة. ولو طالت رحلة الثواني أكثر، لربما أصبحنا "أصدقاء" على الطريقة اللبنانيّة.
بظروف أخرى، لما كنت تعرّفت إليه وتحدّثت معه، ولما كان رآني أو علم باسمي. هو لنا "اللبناني الأصل". لا أكثر ولا أقل. بالكاد كنّا نعرف عن زياراته النادرة إلى لبنان، واستثماره الأخير بخمّارة للنبيذ تحت اسم العلامة التجاريّة Ixsir في البترون. لا أقصد القول إن "مرقد العنزة" هو ملجأ للذي "سيُساق إلى الذبح".
ولكن بصراحة، لبنان لأمثال كارلوس غصن والملياردير المكسيكي اللبناني الأصل امبراطور الاتّصالات في مكسيكو سيتي كارلوس سليم، والملياردير اللبناني الأصل مخترع ساعة Swatch السويسريّة نيكولاس حايك، وحتى الملياردير السعودي اللبناني الأصل المرحوم رفيق الحريري قبل عودته إلى لبنان، وغيرهم الكثيرين من أصحاب قصص النجاح والمبادرين اللبنانيين في الخارج، لبنان بالنسبة إلى أمثالهم هو بلد الأجداد وليس بلد الأبناء والأحفاد والمستقبل.
لولا ما حصل، لما كان كارلوس غصن في جامعة الروح القدس في الكسليك. وطبعاً لما زار وزارة الصناعة في لبنان. وربما لم يكن يعلم بوجودها أصلاً.
هذا الكلام ليس من باب التشفّي، وإنّما يعكس صورة الوقائع كما هي.
بالعودة إلى جلسة اليوم التي انعقدت بين وزير الصناعة الدكتور عماد حب الله وكارلوس غصن في حضور عدد من المسؤولين والمعنيين بشؤون الادارة العامة والشؤون الصناعية والبحثية والتطويرية، يمكن القول إنّ النقاشات بنّاءة ومتقدّمة وهادفة، عدّد كارلوس غصن خلالها أكثر من تجربة خاضها في مسيرته العملية، وأعطى أمثلة ناجحة وواعدة اعتبر أن نسبة تطبيقها في القطاع الصناعي اللبناني مرتفعة.
لم يُبدِ تشاؤماً إزاء تقييمه للوضع الصناعي اللبناني، لا بل عوّل على دور القطاع الانتاجي في مسيرة تنمية الاقتصاد وانقاذه من التعثّر.
اللافت استعداد غصن الجدّي للمشاركة في ورشة دفع الصناعة اللبنانية إلى الأمام والمساعدة في هذا المجال، الأمر الذي دفع ممثّلي الصناعيين إلى دعوته ليكون عضو شرف في جمعيّة الصناعيين اللبنانيين.
وما يثبت صحّة ما ورد في البداية، هو سؤالي له عن سبب عدم اقامة مشاريع لصناعات تكاملية في لبنان، فردّ بما يشبه التهرّب من الجواب قائلاً: "لا تعترض مسيرة تطوير الصناعة في لبنان مشاكل، وإنما يجب على لبنان أن يطوّر صناعته. فالموهبة موجودة، وتأمين التمويل للاستثمارات موجود".
لماذا لم يجب على عدم مساعدته لبنان، عندما كان قادراً ومؤثراً في الصناعة العالمية، على اقامة صناعات تكاملية وتحويليّة عبر بناء فروع لمصانع اوروبية ودولية في لبنان تؤمّن فرص العمل وتكون مركزاً انتاجياً وتصديرياً لدول المنطقة؟