ما أن وقع الاختيار على الاخضر الابراهيمي كمبعوث مشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا لتسوية الازمة المندلعة فيها منذ حوالى تسعة عشر شهرا، حتى أعلن الأخير نيّته زيارة البلدان المعنيّة والمؤثرة في مجرى الاحداث السورية، وهكذا بدأ زياراته التي قادته يوم امس الى لبنان، حيث اجتمع مع كبار مسؤوليه وتناول معهم مهمته وما يعتريها من صعوبات سبق وأن أعلن عنها مراراً، وبأساليب مختلفة.

وفي ما يخصّ لقاء الابراهيمي مع رئيس الجمهوريّة العماد ميشال سليمان في قصر بعبدا، فقد علم "موقع ليبانون فايلز" من مصادر شاركت في الاجتماع أنّ الرجلين تناولا الملف السوري من جوانبه كافة إنما من دون الغوص في تفاصيله المتشعّبة، فاقتصر النقاش على بدء المبعوث الدولي - العربي باحاطة شاملة لدوره في محاولة ايجاد تسوية سياسية للازمة في سوريا، في مقابل تشديد الرئيس سليمان على ضرورة "سلمية" أيّ مبادرة تأخذ في عين الاعتبار هواجس مختلف الاطياف السورية، اكانت في صفوف المعارضة أم الموالاة. إلا أنّ ما يبقى غامضاً هو المهلة الزمنيّة التي سيستغرقها وضع هذه المبادرة.

وتشير المصادر الى أنّه "بمجرّد تعيين الابراهيمي في ضوء خلفيّته وتاريخه في معالجة المعضلة اللبنانيّة، يظهر أنّ المجتمع الدولي راغب فعليّاً، وليس وفق النوايا فقط، في ايجاد حلّ سياسي توافقي بعيداً عن منطق الغلبة والتقسيم. وذلك لأنّ المعالجة العسكريّة التي تستجلب تدخلات خارجيّة لن توصل الى نتيجة، وكذلك الأمر بالنسبة الى منطق التقسيم الذي يسوّق له في الاروقة الدوليّة. وعليه فإنّ أمام الجميع الاستسلام لحلّ وسط يتبادل فيه الطرفان تنازلات متبادلة للمصلحة السوريّة العليا". وتضيف المصادر أنّ "الابراهيمي كشف لرئيس الجمهورية، ولرئيسَي  المجلس النيابي والحكومة في ما بعد، أنّ مجموع أفكار تتلخّص بإعلان جنيف الذي دعا الى وقف العنف والانخراط في حوار جدّي بين النظام وفصائل المعارضة السوريّة، والأهم من ذلك كلّه تشكيلة حكومة انتقاليّة كاملة الصلاحيّات. وهنا لبّ المشكلة حيث يرفض الرئيس السوري التنازل عن اي صلاحية عائدة له لان ذلك يعتبر تمهيد غير مباشر لتنحّيه عن الرئاسة، بينما تضع المعارضة شرطاً للحوار الوطني هو رحيل الاسد وتركيبة نظامه".

وطرح الابراهيمي مشكلتين تعترضان مهمته، يمكن تلخيصهما بسؤالين: من هي المعارضة السوريّة فعلاً؟ وهل النظام يواجه فعلاً جماعات ارهابيّة على الارض ويعمل لتأسيس حلّ سياسي من خلال اجتثاثهم وإعادة الهيبة للقوى الامنيّة والعسكريّة؟

وأعاد الابراهيمي التأكيد على مبدأ وقف اطلاق النار لمدة ثلاثة أيّام لمناسبة عيد الاضحى، مشدّداً على أهميّة لبنان الدولة المجاورة لسوريا والذي تتداخل حدوده الجغرافيّة مع دمشق، في استقبال اللاجئين السوريّين على أرضه وتوفير كامل مقومات الراحة والطمأنينة لهم، ممّا لاقى تأييداً إيجابيّاً من رئيس الجمهوريّة لهذا الموضوع، فأكد سليمان على أنّ "البوصلة" التي توجّه الموقف اللبناني من الازمة السورية هي "إعلان بعبدا" لناحية تحييد لبنان عن صراعات المنطقة وعدم سماحه بإقامة مناطق عازلة على أراضيه أو ممرّات لدخول وخروج المسلّحين.

ولم يدخل الطرفان في أيّ تفاصيل تتّصل بالازمة السورية، إذ أفادت معلومات عن أنّ الابراهيمي سيعود الى زيارة لبنان في وقتٍ لاحق، وسيكون جدول الاعمال آنذاك الدخول في حيثيّات القضيّة السوريّة وما يمكن لبنان أن يقدّمه للمساعدة في هذا المجال.