.. وصدق عون بـ"تفحّم" الحسن
01/01/0001
وصلت رسالة رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون الى اللبنانيين قبل أن يتلوها على الشاشة. رسالته تبلّغها المواطنون من اللواء الشهيد وسام الحسن قبل أيام من استشهاده ما عرّضه لتهديدات كلامية من منظومة السلاح في لبنان أقرنت القول المحلي.. بالفعل الإرهابي المستورد.
كشف اللواء الشهيد التزوير والتلفيق وحقيقة الرصاصة "السابقة لعصرها".. والنتيجة أن الشهيد الذي حمى أمنياً كل السياسيين من مختلف الأطياف والمواطنين من كافة المناطق وقام بواجبه الوطني الأمني والسياسي كاملاً كان "يستحق" أن يهاجمه الجنرال كل ثلاثاء من منبر تياره، وشكّل لسنوات مادة دسمة لمؤتمراته الصحافية يستغلّه لتخوين فرع المعلومات ويشتم إنجازاته ويقلل من قيمتها الوطنية الخالصة.
اللواء الشهيد نزع السترات الواقية للرصاص وكشف مكر العميد العميل.. "فُجع" الجنرال بموته "مقتولا" كما كتبت شاشته البرتقالية، بالطبع سيفتقده الجنرال كل يوم ثلاثاء. إذا يعتبر الجنرال أن كل شهداء قوى 14 آذار "قتلى" على أنهم قضوا في عملية سرقة أو "قُتِلوا" عن طريق الخطأ، أما محاولة "القتل" عمدا فمبررة برصاصة أو ثلاث "مكتومة النفَس" وعابرة للقارات تخرق السيارات من طرابلس الى صيدا.
وذات ثلاثاء، غير ذاك الثلاثاء الذي ستنتهي فيه المعركة في سوريا، سأل الرجل البرتقالي "من هو وسام الحسن ومعلّمه؟" مصوّرا نفسه بخلاف رجل الدولة الذي يدّعيه والذي من المفترض أن يكون مطّلعا على الشاردة والواردة التي تخصّ خصومه قبل حلفائه.. وفي إشارة الى كشف الحسن مخطط عصابة سماحة-مملوك، هددّ عون اللواء الشهيد قبل أن يستشهد بأسابيع قائلا "يلي بدق بالتوتر العالي بفحّم". أفحم الجنرال اللبنانيين بالنظريات المنقولة من خارج الحدود، فهل هو مقتنع بأن المجرمين والعملاء شامخون وخطيرون؟ ألهذا ينزّه نفسه عن الأخطاء والخطايا؟ في الواقع إن التوتر العالي هو ما يصيب أعصاب الجنرال حين يواجهه خصم بالحقيقة، بهذه الطريقة كان يتجاهل الدخول في "تفاصيل" وسام الحسن والمقصود هنا أن الجنرال كان يتحاشى الحديث عن كل ما يتوصّل إليه الحسن حتى لا "يوقع" نفسه في التناقض الذي لطالما تميّز به.
لكنّه يقع دائما! استشهد "وسام" لبنان في أشرفية البشير، فجعل منه عون "شهيد كل الوطن" قائلا "الشهيد الذي يسقط في ساحة الشرف هو لكل الوطن ولا يمكن الاستئثار به أو استغلال شهادته وزجها في الصراع السياسي". أساء إليه قبل استشهاده وأراده شهيدا له بعد استشهاده، هكذا على مرأى ومسمع من كل اللبنانيين. يعيش عون في تناقضاته منذ ربع قرن، ومن غيره اتّهم رئيس الجمهورية الأسبق الشهيد رينيه معوض بالخيانة عند انتخابه؟ لماذا؟ لأنه أراد أن يكون رئيسا "معرّما" على كرسي الرئاسة الأولى زعيما ديكتاتوريا نازيا فاشيا.. لكنّ معوّض تحوّل بنظر عون الى "شهيد الوطن" بعد استشهاده لإعتقاد الجنرال بأن ساحة "قصر الشعب" ستخلو له.
كان الوضع مماثلا يوم الأحد حين "أبشر" الجنرال أن وسام الحسن "شهيد الوطن". وسام الذي كشف كل المستور، لن يشكل خطرا أبدا على جنرال الرابية وحاشيته من العملاء والمسلّحين و"الأيوبيين"، فلمَ لا يدعوه "شهيد لبنان"؟! وسام الذي حمل همّ اللبنانيين استشهد لمواقفه وإنجازاته الأمنية السياسية، وإن كان الأمر مرتبطاً أساسا بالأمن السياسي فما الحاجة الى استثماره سياسيا أو انتخابيا؟ وسام الذي ضحّى بحياته بعدما أنقذ شخصيات لبنانية سياسية من الإغتيال دون تفرقة طائفية او مذهبية، لن يكون سببا في إيقاظ العصبيات المذهبية كما يدّعي الجنرال الذي لا يوفّر نوابه منبرا إلا للتعبئة الطائفية والمذهبية..
إنها أصلا معركة سياسية أرادها نظام الأسد وأتباعه في لبنان.. وإسقاط الحكومة في الشارع ليس بالشيء الجديد على الجنرال الذي يسير الى جانب السلاح ويصفّق للإنقلابات بعدما كان سيّدها في نهاية الثمانينيات، ولا يسيء الى القائمين به إذا ما قورن بحجم رسائل التهديد التي يتلقاها نواب وشخصيات قوى 14 آذار. أنبل في ما لبنان هو استشهاد قياداته المعارضة للنظام السوري في صراع سياسي بين الوطنية والعمالة منذ عهد الشهيد الشيخ بشير الجميل.
اللواء وسام الحسن استشهد سياسياً، في سياق سيناريو الصراع بين من يريد لبنان دولة مستقلة تعاقب المهرّبين والعصابات والعملاء والمنافقين وتنادي بحصر السلاح بقيادة الجيش اللبناني وبين كل تلك العصابات والعملاء والمنافقين والمسلّحين والمهرّبين.. جنرال الرابية يعرف أن "سلاحا ما" خارج الشرعية غدر باللواء وسام الحسن لكنّه يدعم هذا السلاح ربما بقصد استدراجه الى الساحة أو الى ثورة لن تنطفئ. وليعلم الجميع أن وسام الحسن شهيد كل من حمله في حياته وبعد استشهاده "وساما" على صدره، أما الآخرون فليس عليهم ان ينتظروا ليقول لهم الكاهن على كرسي الإعتراف "إذهبوا مغفورة لكم خطاياكم"!
يشرح عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري أن "كثيرين من الفريق الآخر وخصوصا العماد عون يضع احتمالين، فإن أية محاولة اغتيال فاشلة لا يعتبرها موجودة ويعفيها من الوجود، وأي اغتيال حقيقي يحصل يطلب أن تنتهي مراسم العزاء خلال 48 ساعة وأن تعود الأمور الى طبيعتها". ويتابع "في كلتا الحالتين هناك مشاركة في فعل الجريمة وإن كانت هذه المشاركة معنوية وليست مادية طبعا، فنحن اعتدنا على هذا الأسلوب وهذا المنطق."
ويضيف حوري "سقط العديد من الشهداء في هذه المسيرة الطويلة لقوى 14 آذار وقد قدّمنا كوكبة من الشخصيات في البلد، هناك مَن هو مهدد اليوم من هذه الشخصيات لكن المسيرة ستستمر والموقف سيستمر والقناعات أيضا وما من شيء يستطيع أن يغيّرها".
ويبدي حوري أسفه من أن "دور العماد عون أصبح تغطية الجرائم ومرتكبيها، ونحن لم نكن نتمنى منه أن يذهب الى لعب هكذا دور وهو الذي كان في بداياته يمارس موقف الشجاعة والشهامة، أما أن تصل به الأمور اليوم الى هذا المستوى فهذا ما كنا لا نتمناه."
من جهته، يرى الأمين العام لحزب "القوات اللبنانية" عماد واكيم أن "عون يهاجم الشهداء حتى بعد استشهادهم ولكنه يحتاج الى القليل من الوقت ليعود الى لغته الهجومية إنما بوتيرة أخفّ من تلك التي كان يهاجم فيها اللواء الشهيد قبل استشهاده". ويردّ ذلك الى أن "عون يهدف الى استقطاب الشعبية حيث أنه لا يتمتع بحدّ أدنى من أخلاقيات العمل السياسي، وهو يتبنّى اليوم شهادة وسام الحسن لأنه يعجز عن مهاجمته حاليا".
ويلفت واكيم الى أن "عون كان يغض الطرف عن إنجازات الحسن في فرع المعلومات لأن النظام السوري كان يطلب منه ذلك وكان واضحا أن كل حلفاء النظام في لبنان "طرطقوا" سياسيا على العميد الحسن بهدف تفريغ إنجازاته من مضمونها الواقعي ولأنه كان يزعجهم في عملهم". ويشير الى أن "الحسن تعرض للكثير من الهجوم حول ما يحق له وما لا يحق له، وعما إذا كان رئيس فرع أو شعبة.. فيما كان يعمل على كشف كل أنواع العمالة إلا أن هذا كان يعكر صفو علاقاتهم مع النظام السوري". ويختم واكيم "يأتي الإعتراف به شهيدا اليوم في إطار التنصل من هجومهم عليه."