طائرة أيوب
01/01/0001
ليس قليلا ً أن يطلق حزب الله في العمق الاسرائيلي تلك الطائرة البلا طيار تدليلا ً على تنامي قدراته وانجازاته في مواجهة اسرائيل ، وله في كل يوم جديد على هذا الصعيد يفاجئ به اللبنانيين قبل الاسرائيليين لكنّه لا يلقى الصدى الذي يستحقه إلا ّ في اوساط مؤيديه ومريديه والمستفيدين من وجوده السياسي والعسكري . وليس سرّا ً ان اللبنانيين عموما ً هم متعبون جرّاء هذه المقاومة التي يتشبّث بها حزب الله من دون ان يفصح عن أغراضها والنهايات التي يرمي من ورائها ، وهل هي حتى زوال اسرائيل من الوجود أم حتى الوصول الى غلبة عليها ترغمها على الدخول في تسوية ما لصراع هو في النهاية صراع أجيال .
وفي المناسبة ، من من اللبنانيين لا يفخر ويعتز بالانتصارات التي حقّقتها المقاومة الاسلامية على جيش اسرائيل ؟
لكن ّ الحرب مع اسرائيل ليست حرب أمجاد . ولهذا السبب ربما لم تلق طائرة أيوب الحماسة التي تستحقها فبدت عملا ً استعراضيا ً هو للتأثير في موازين القوى الداخلية لا في مقولة توازن الرعب التي ترهق لبنان اكثر مما ترهق اسرائيل . وفي كل الأحوال ان حماية لبنان والدفاع عنه شأن يعني اللبنانيين جميعا ً لا المقاومة الاسلامية وحدها ، وليس لأحد أن يفرض عليهم سياسة دفاعية معينة أسوأ ما فيها انها تحكم يتعليق وجود الدولة الى أجل غير مسمّى ، بل بتعليق مصير الوطن نفسه بكل أبنائه وأهله ، المقيمين منهم والمغتربين . ومن المفترض ان تكون قيادة حزب الله على علم بمشاعر اللبنانيين ، كل اللبنانيين ، من هذا القبيل . اذ مهما صنع حزب الله من امجاد ، فالحاجة الى الدولة وحكم القانون باتت أهم ّ وأعظم من كل الامجاد وأكثر الحاحا ً.
بكلام آخر ليس لحزب الله ان يقوم مقام الدولة ، مثلا ً ، في اعلان الحرب على اسرائيل ويترك عليها وعلى سائر اللبنانيين سائر الادوار والمهمات والاثمان . لقد مضى على هذه الحال أربعة عقود من الزمن : الغير يقرّر الحرب ، وعلينا نحن اللبنانيين أن ندفع الثمن ، بل أن نؤمّن تكاليفها في الارواح والارزاق والممتلكات ، وأن ندق ّ أبواب ما يعرف بالدول المانحة طلبا ً لمساعدات تذهب غالبا ً على تعمير ما تهدّم . لقد آن لهذه لمأساة أن تنتهي .
أجل ، عظيمة طائرة أيوب تحلّق في سماء اسرائيل ، أو في سماء الاراضي العربية المحتلّة ، ففي المشهد ما يدغدغ مشاعر الناس ويشد ّ من عصب الذين ارتخى لديهم العصب من كثرة ما عاناه من انشداد . أمّا حماية لبنان فشأن آخر لا علاقة له بطائرة أيوب ، بل ربما كانت طائرة أيوب إمعانا ً في تعذيب أيوب هذا العصر الذي يعرف باسم لبنان ، وهي في أي حال صناعة ايرانية ، ولأغراض ايرانية باتت مكشوفة ومعروفة ، ومعلنة أيضا ً في منتهى الصراحة.