مصادر فرنسية لـ"الشرق الأوسط": حصول تحول في الميزان العسكري هو الوحيد الذي من شأنه أن يفتح الباب لمساعي الحل السياسي
01/01/0001
ترى مصادر دبلوماسية في باريس أن الأسباب التي أجهضت مبادرة كوفي أنان المشابهة في شهر نيسان الماضي هي التي أطاحت بمبادرة الإبراهيمي، لأن الأسباب نفسها أدت إلى النتائج نفسها.
وتعتبر هذه المصادر لـ"الشرق الأوسط" أن التوقعات بشأن مشروع الهدنة منذ أن حمله الإبراهيمي وجال به على عواصم التأثير في العالم العربي والشرق الأوسط، وحصل على دعم بشأنه من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ومن الأمين العام للأمم المتحدة، لم تكن توحي بتاتا بإمكانية تحقيقه لأسباب تصفها هذه المصادر بـ"الموضوعية"، وسبق لها أن فصلت ثلاثا منها لـ"الشرق الأوسط" الأسبوع الماضي. وأول هذه الأسباب، وفق المصادر المشار إليها، يتمثل في رغبة الطرفين في الاحتكام، في المرحلة الراهنة، إلى لغة السلاح، واعتبار كل طرف أنه بحاجة لتحقيق تغيير عسكري ميداني يمكن استثماره لاحقا على المستوى السياسي عندما يحين الوقت.
وترى مصادر فرنسية رفيعة المستوى أن حصول تحول في الميزان العسكري هو الوحيد الذي من شأنه أن يفتح الباب لمساعي الحل السياسي الذي يبدو أن أجله لم يحن بعد بالنظر إلى الوضع الميداني اليوم. وفي ظل استبعاد التدخل العسكري الخارجي لأسباب تتعلق بالتركيبة السورية، وبتردد القوى الغربية في الانخراط في أعمال عسكرية واسعة في سوريا، فإن السبيل إلى التغيير يمر عبر تحسين مستوى تسليح المعارضة وتمكينها من التعاطي مع طيران النظام الحربي وقواته المدرعة، فضلا عن الارتقاء بأداء المعارضة. وتعترف هذه المصادر بأن تحقيق هذه الأهداف يحتاج إلى وقت، كما أن تسليح المعارضة، حتى الآن يواجه عراقيل ليس أقلها الرفض الأميركي وحاجة واشنطن لانتظار مرور الانتخابات الرئاسية أوائل الشهر القادم. وكشفت المصادر أن الأجهزة الأميركية تدخلت لوقف تسليم أنواع متطورة من الأسلحة بسبب هواجس واشنطن.
وتعتبر المصادر الغربية أن نقطة الضعف في خطة الإبراهيمي أنها كانت تعتمد على حسن نية الطرفين وعلى رغبتهما في الالتزام بالهدنة التي قبلها كلاهما ولكن في غياب أي آلية رقابة يمكن الرجوع إليها عند حصول خروق أو تكون لها القوة المعنوية لكشف هوية من التزم ومن لم يلتزم. والحال أن خطة أنان لوقف إطلاق النار فشلت رغم وجود المراقبين الدوليين، ولذا كان من السذاجة توقع نجاح هدنة الإبراهيمي، الأكثر تواضعا، من غير مراقبين لا دوليين ولا غير دوليين. والخلاصة التي توصلت إليها هذه المصادر هي أن كل طرف قبل الهدنة لأنه كان يعرف أن الطرف الآخر سينسفها، وأن القبول يمكن استثماره سياسيا لرمي الخطأ على الجهة المقابلة.
ولفتت المصادر الغربية النظر إلى أن الصعوبة الإضافية بالنسبة للإبراهيمي تكمن في تعدد رؤوس المعارضة المسلحة بين فصائل وكتائب، وبين جيش حر في الداخل وآخر في الخارج، فضلا عن المجلس العسكري، وبالتالي كان باستطاعة النظام وبسهولة أن يرمي اللوم على المعارضة المسلحة لتبرير رد الفعل العسكري على اختراقاتها، بينما المعارضة شككت سلفا في رغبة النظام في تنفيذ الهدنة نظرا لسوابقه غير المشجعة.