المفاوض الأميركي السوري لـ "الجمهورية": الحلّ السياسي لسوريا لم يَفُت أوانه وتركيا مفتاحه

01/01/0001

قاد المفاوض الأميركي السوري إبراهيم سليمان مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي بين العامين 2004 و2007، بغطاء وفرته له القيادة السورية، تمّ التوصل خلالها إلى اتفاق موَثق ومكتوب ومزوَّد بالخرائط عن نقاط الانسحاب والانتشار الجديد والعلاقة بين الجانبين.

بعدما نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" نبأ توصّل الجانبين الى اتفاق يقضي بالانسحاب من الجولان، نفى مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجود مثل هذا الاتفاق.

حمَلت "الجمهورية" هذا النفي الإسرائيلي إلى المفاوض السوري ابراهيم سليمان وسألته عن حقيقته، فقال إن الصحيفة الإسرائيلية على حق، وأنه يملك كلّ الوثائق التي تمّ التوصل إليْها وهي ممهورة من قيادة الجيش الإسرائيلي، وانه سيعمد إلى نشر كتابين، أحدهما باللغة العربية والآخر باللغة الانجليزية في غضون الأشهر القريبة المقبلة ويروي فيهما كل التفاصيل.

سألت "الجمهورية" سليمان عن نظرته الى الوضع في سوريا من موقعه المراقب والمتابع لما يجري فحدّد رؤيته وفق الآتي:

"لا توجد محادثات سلام في الوقت الحاضر، ولن تكون هناك محادثات سلام الى فترة طويلة مقبلة. لدى سوريا وإسرائيل خطة سلام وخرائط لها، كانا قد اتفقا عليها خلال المفاوضات التي جرت في سويسرا بين عامي 2004 و 2007. وقد تسربت هذه الاتفاقية الى الصحافة بواسطة أحد المفاوضين الإسرائيليين في 17 يناير 2007. في الوقت الحاضر ليس هناك مزاج للسلام أو محادثات السلام.

ومع ذلك، هناك المأساة الجارية في سوريا والعالم كله تقريباً يبحث فيها بلا حول ولا قوّة، ولا يعرف ما يجب القيام به بعد ذلك. عشرات الأُلوف من السوريين لقوا حتفهم، وجُرِحَ مئات الألوف، واللاجئون يقيمون في المخيمات في لبنان والأردن وتركيا. وكثير من المصابين لن يُكتب لهم البقاء على قيد الحياة".

ويقول سليمان: "الغرب بقيادة الولايات المتحدة، يتحدث عن حلّ عسكري للثورة السورية مماثل لذلك الذي اعتُمد للثورة الليبية. إن الغرب على خطأ، لأنّ أيّ تدخل خارجي عسكري في المأساة السورية سيكون كارثة بالنسبة الى سوريا وجيرانها، وللمنطقة ككل. إن الحل السياسي لا يزال ممكنا، وهو الوحيد الذي من المنطقي أن يساعد على وقف إراقة الدماء، وقد يُجنِّب المنطقة حرباً أهلية طائفية".

ويضيف: "كثيرون يضعون كلّ اللوم في هذه المأساة على الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته. تقنيا، هم محقون في ذلك لعدم قدرة بشار على وقف المجازر التي تقع يوما بعد يوم في كل مدينة وبلدة و قرية في البلاد. بشار هو الرئيس، ولأنه الرئيس، فهو مسؤول عما يجري في البلاد، والمسؤولية تسير جنبا إلى جنب مع الوظيفة".

ويروي سليمان: "إلتقيت الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الراحل حافظ الأسد، مرات عدة وإني أعرفهما جيدا.

التقيت الأب عام 1957 عندما كان برتبة ملازم ثانٍ في حماة. في ذلك الوقت، كنت أعمل موظفاً في المستودعات العسكرية في المدينة. كان أخي سليمان برتبة "ميجور" في ذلك الوقت في حماة وقائداً لمجموعة الملازم حافظ الأسد. عندما أصبح حافظ رئيساً عام 1970 كنت أدرس الهندسة في جامعة هوارد في واشنطن، فدعاني لزيارته في دمشق، وعندما جئت مع عائلتي حللت ضيفاً على القيادة القطرية لحزب البعث. وكان السيد عبدالله أحمد عضواً لقيادة حزب البعث في حينه. وكان ذلك لقائي الأول مع حافظ بعدما أصبح رئيسا. بعد ذلك، بدأت أزور سوريا بمعدل ست مرات كل عام والتقي المسؤولين الكبار بمن فيهم الرئيس".

ويضيف سليمان: "كان لقائي الأخير مع الرئيس حافظ قبل نحو شهرين او ثلاثة أشهر من وفاته، وقد حضر هذا اللقاء كل من وزير الخارجية فاروق الشرع والمترجمة بثينة شعبان ورئيس معهد السلام في الشرق الأوسط والابحاث الدكتور ستيف كوهين، وهو داعية سلام كندي معروف جيدا. استمر الاجتماع ثلاث ساعات وخمساً وأربعين دقيقة. أنا أعرف آل الأسد بنحو جيّد جداً، وأعرف ما يعتقدون. فآل الأسد ليسوا قادة طائفيين، فكلا الرئيسين لجميع السوريين وليس لطائفة واحدة فقط من سكان سوريا. كلاهما كانا محظوظين بعدد قليل من المستشارين الجيدين والصادقين. من ناحية أخرى، كان هناك دائماً بعض المسؤولين الفاسدين الاقوياء جداً حول الرئيسين وعلى استعداد لارتكاب أعمال الإرهاب الخسيسة التي تسيء معاملة الشعب السوري، وهؤلاء ليسوا علويين حسب ما تدعي وسائل الإعلام، بل هم اناس بلا كرامة ولا ضمير. الرئيس حافظ تخلص من بعضهم، والرئيس بشار كان في طَوْر التخلص من البقية عندما بدأت الثورة في آذار 2011".

ويرى سليمان "أن الرئيس حافظ بنى ايام سوريا الحالية وجعلها تحظى بالاحترام المحلي والدولي والكرامة. قبله كانت سوريا اضحوكة المجتمع الدولي، ففي كل سنة قبل حافظ، كانت هناك ثورة جديدة في البلاد وحكومة جديدة ورئيس جديد. حافظ جلب الاستقرار إلى سوريا والمنطقة، وبنى سوريا وأعطاها الحق في المطالبة باحترام العالم كله وحصل ذلك. ويجب أن لا ننسى ما فعله هذا الرجل لسوريا".

وإذ يسأل سليمان: "من الذي اوجد هذه المأساة في سوريا؟ من هو المسؤول عن إشعال نار الثورة؟ من حول حركة سلمية، منطقية، وصرخة مجتمع تطالب بالعدالة والحرية والديمقراطية والإصلاح، إلى ثورة دموية؟"، يجيب: "الغرباء هم المسؤولون عن سفك الدماء في سوريا بمقدار مسؤولية النظام نفسه.

لقد قتل الغرباء أي فرصة للإصلاح السريع في سوريا واوجدوا المأساة السورية، ولم يعطوا الرئيس بشار الوقت اللازم لتنفيذ الإصلاحات التي يطالب بها شعبه".

ويؤكد سليمان "أن الرئيس بشار لن يستقيل. ويعتقد كثيرون أن الجانبَين، الحكومة والمعارضة، تجاوزا نقطة اللاعودة للتوصل إلى تسوية وحل سياسي في سوريا. أنا لا اوافق على ذلك. فبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وحلفاؤهم مثل تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية، في حاجة إلى الاعتراف بحقيقة أن هناك حال جمود بين النظام والمعارضة على أرض الواقع. لا أحد من الطرفين قادر على كسب الحرب الأهلية في سوريا في المستقبل القريب. لذلك، فالحل السياسي هو الحل الوحيد المنطقي للمأساة السورية. لقد اختطف الأجانب الذين جاؤوا من كل انحاء العالم والشرق والغرب الثورة السورية، الغرب يطالب باستقالة الأسد، وهو لن يستقيل. ومن المؤسف أنّ الغرب وضع تركيا في موقف غريب، من خلال تشجيعها والضغط عليها للمشاركة بعمق في المأساة السورية، ثم أدار ظهره للحاجات التركية عندما احتاجت تركيا إليه".

ويضيف سليمان: "لقد كانت علاقات الصداقة بين تركيا وسوريا جيدة جدا قبل الانتفاضة السورية. وعلى تركيا وسوريا تجاوز خلافاتهما والعمل معا لإيجاد حل مقبول للمأساة السورية، وهناك فرصة للتوصل إلى حل سياسي لها، ويجب علينا الاستفادة من ذلك. فتركيا هي مفتاح الحل، ويجب عليها وسوريا تجديد الصداقة والتعاون بينهما لحل المأساة السورية، ومن الممكن جدا للقيام بذلك".

ويؤكد سليمان "ان سوريا لن تكون ابداً هي نفسها. فالثورة السورية بدأت في الريف وامتدت إلى القرى والبلدات والمدن وتشمل نطاقا عريضا من الناس، من المزارعين، أصحاب المتاجر، المهنيين، الإسلاميين، الأساتذة، الطلاب، رجال أعمال، نساء وعمال. لقد بدأت ثورة شعب جيدة تطالب سلمياً بالتغيير، لكن الغرباء خطفوها ولم يمنحوا الرئيس بشار فرصة تنفيذ الإصلاحات وغيروا الثورة السلمية إلى الكفاح المسلح لإسقاط الحكومة، وهذا لم يكن ما يسأل الشعب السوري عنه. فالشعب كان يطالب بالإصلاح وليس باستقالة الرئيس".

ويرى سليمان "ان تدخل حلف شمال الاطلسي عسكريا في سوريا سيكون كارثياً، ليس فقط بالنسبة الى سوريا، بل للمنطقة وربما للعالم اجمع. وأن هذا الحلف وأي حكومة معنية في كل أنحاء العالم مطالبون بالعمل جنبا إلى جنب مع سوريا وتركيا لايجاد حل سياسي للمأساة السورية. لكن يجب أن يتم ذلك سراً، ويمكن القيام بذلك. فلم يفت الأوان بعد، وأعتقد أن هذا هو السبيل الوحيد لإيجاد حل للمأساة السورية. وإن تركيا هي المفتاح والبلد الأكثر قابلية لقيادة الحل".

All rights reserved. Copyrights © 2025 mtv.com.lb
  • أسرارهم أسرارهن
  • أخبار النجوم
  • سياسة
  • ناس
  • إقتصاد
  • فن
  • منوعات
  • رياضة
  • مطبخ
  • تكنولوجيا
  • جمال
  • مجتمع
  • محليات
  • إقليمي ودولي
  • من الصحافة
  • صحة
  • متفرقات
  • ABOUT_MTV
  • PRODUCTION
  • ADVERTISE
  • CAREERS
  • CONTACT