حمص و العودة الى سايكس بيكو
سامي نادر
01/01/0001
لا شك أن سنة 2012 كانت سنة الثورة السورية بإمتياز. ثورة شكلت ذروة الربيع العربي في رمزيتها وابعادها الاقليمية والدولية، ثورة اتسمت بعنفها اللامتناهي. أكثر من 40,000 قتيل في ظل ما يشبه عجز او صمت المجتمع الدولي. مجازر تفوق الوصف وكان آخرها ما حصل البارحة في حمص.لحمص أهمية بالغة بالنسبة للثورة السورية، نظراً لموقعها الجغرافي والديموغرافي. وليس من باب المبالغة أن نقول اليوم : أن مستقبل سوريا و شكلها الإداري تقرره حمص. ولاشك أيضاً أن هذا المعطى يفسر، حتى لو لا ببرر ابداً، العنف الممنهج اللي تعرضت له هذه المدينة ومنذ أول أيام الثورة واستقتال النظام للسيطرة التامة على هذه المدينة المفصلية حتى إذا أفضى ذلك الى حرقها بالكامل او تصحيرها.وبالرغم من تراجعه على سائر الجبهات ...في حلب، أدلب، وسائر مدن الشمال ، في درعا و مدن الجنوب وحتى في دمشق وريفها ، وضع النظام كل ثقله الاسبوع الماضي لاستعادة موقع في حمص كان خسره لصالح الثوار.لم يعد خافي على أحد ان النظام في سوريا، وبعد ما خسر كل أمل باستعادة سيطرته على كافة الأراضي السورية، يحاول اليوم أن يرتدّ على المنطقة الساحلية فيما يعرف تاريخياً بالبلاد العلوية. الأمر الذي يفسر أيضاًلجوئه ومنذ البداية الى استعمال الورقة الطائفية وعدم التواني عن ارتكاب مجازر تسعر النار المذهبية لدرجة ان بعض المؤسسات الدولية وصفتها بالتطهير العرقي.الواقع ان هذه ليست المحاولة الأولى عبر التاريخ لإقامة دولة علوية. سبق أن قامت دولة مماثلة في القرن الماضي عام 1923 تحديداً ولكن لم تعمر أكثر من سنتين وذلك لأنتفاء وجود مقومات دولة من هذا النوع، منفصلة انفصال تام عن محيطها، مقطوعة عن أي مدى استراتيجي يؤمن لها شروط الديمومة والازدهار.ويقيني ان لهذا السبب ينصب ومنذ البداية الجهد العسكري من قبل النظام غلى اتمام السيطرة على حمص . انهيار الجدار اللتي تشكله هذه المدينة ذو الأغلبية السنية يعطى لمشروع أقامة الدولة علوية فرصاً للنجاح، حيث يؤمن لها في الداخل السوري عمقاً حيوياً...والأهم من ذلك، واستناداً الى خريطة التحلفات الاقليمية، سقوط حمص يحرر ممر جغرافي يربط المناطق الساحلية، او البلاد العلوية...بالبقاع اللبناني.سقوط النظام السوري بشكله الحالي والذي أصبح وشيكاً، بالأضافة الى تداعيات الصراع السني الشيعي في العراق ولبنان يعيد الامور الى بداية القرن الماضي،تحديداً الى ما قبل اتفاق سايككس بيكو...والشرق الأوسط الجديد والذي طال الحديث عنه مؤخراً ليس بالواقع جديد بشيء...إنه مجرد عودة بعقارب الساعة إلى الوراء...وكأن دهراً لم يكن..