هل تفتح إسرائيل جبهة جديدة مع إيران؟
شربل مخلوف
7/24/2025 3:43:13 PM
لم تكد الحرب المدمّرة بين إسرائيل وإيران تنتهي، حتى بدأت طهران تشهد سلسلة انفجارات وحرائق داخل أراضيها من دون معرفة الأسباب. غير أن المسؤولين الإيرانيين وجّهوا اتهامات مباشرة لإسرائيل بالوقوف وراء هذه الأعمال التخريبية.
وفي ضوء الحوادث هذه، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أن "هناك احتمالاً لتجدّد المعركة مع إيران". وشدّد خلال تقييم شامل للوضع مع عدد من كبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين بمن فيهم رئيس الأركان على ضرورة إعداد خطة فعّالة للمستقبل، لضمان عدم استئناف إيران برنامجها النووي.
فهل سيكون تصريح كاتس جدياً هذه المرة لجهة إشعال حرب جديدة مع إيران؟ وما علاقة إسرائيل بما يجري من حرائق وانفجارات داخل الأراضي الإيرانية؟ وهل تعمد تل أبيب إلى اعتماد أسلوب العمليات الخفية والحرائق بدل الحرب المباشرة المدمّرة؟
يقول الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب لـ"المركزية": "عملياً، الإيرانيون لم يستبعدوا إمكانية أن يكون هناك خرق إسرائيلي وراء هذه الحرائق والانفجارات، وأن تكون من فعل فاعل، وبالذات من فعل إسرائيلي. ولكن اليوم نحن أمام حالتين: أولاً، الإيرانيون وضعوا يدهم على الكثير من الخروقات الإسرائيلية، ورحلوا الكثير من الأفغان، ووُضع العديد في السجون، ناهيك عن قيامهم بالإعدامات".
ويضيف: "يبدو أن إيران استدركت أن ما كان مكشوفاً عليها، خوّلها استعادة المبادرة الأمنية عبر تحقيق إنجازات على الصعيد الاستخباراتي. هذا لا يعني أنهم قضوا على هذه الخلايا التجسسية. هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية، فكاتس كوزير دفاع، صحيح أنه على المستوى السياسي يمثّل الجيش، لكن الخطط يضعها رئيس الأركان ويقوم بتنفيذها. بالتالي، هذا الكلام سياسي أكثر مما هو عسكري وتقني. وقد رد الإيرانيون على كلام كاتس بالقول: إذا ما حاولت إسرائيل استعادة عملياتها في إيران، فنحن مستعدون لتدمير الكثير من الأماكن الإسرائيلية".
ويشير إلى أن إيران تجري تجارب على صواريخ متقدّمة، ولا ننسى أن الدبلوماسية الإيرانية العسكرية ناشطة، لافتاً إلى أن وزير الخارجية الإيراني زار الصين وروسيا، ما يعني احتمال إعادة تفعيل الكثير من العمليات من قبل الدفاعات الجوية الإيرانية من منظومات "Power"، مشيراً إلى إعادة تنظيم هذه المنظومات الدفاعية.
ويلفت إلى وجود حديث عن صفقة عقدتها إيران مع روسيا للحصول على طائرات متقدّمة من الجيل الرابع، تتألف من 24 طائرة من طراز "سو-35"، مشيراً إلى أن الإيرانيين تدربوا على استخدامها لسنتين، لكنهم لم يتسلموها بعد، وذلك مرتبط بتطور العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة.
ويضيف: "رأينا اليوم الأميركيين يزوّدون أوكرانيا بصواريخ باتريوت، وهذا يدل على أن الأمور ليست على ما يرام بين روسيا وأميركا في الساحة الأوكرانية، ما قد يدفع روسيا إلى تزويد إيران بمقاتلات حديثة وطائرات هليكوبتر ضمن الصفقة".
وتابع: "لا ننسى أن الروس، منذ عام 2022، وبعدما استفادوا من المسيّرات الإيرانية، زوّدوا إيران بتقنية الأسلحة الصاروخية الفرط صوتية. كما يجب ألا نغفل احتمال دخول الصين على الخط، نتيجة التهديدات الأميركية لها، إلا أن الصين ما زالت قوية، وقد أثبتت ذلك عندما ساعدت باكستان في عمليات عسكرية سريعة ضد الهند، حينها أثبتت باكستان قدرتها على التصدي للطيران الهندي الحديث، وهذا ما قد تستفيد منه طهران".
ويشير ملاعب إلى وجود تصريحات في الإعلام الأميركي تفيد بأن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الاستمرار في الغارات على إيران لستة أسابيع، لكن يبدو أن الأميركيين يدرسون طريقاً آخر، وهو التقرب من إيران ومحاولة احتضانها مجدداً، ما يشير إلى أن أميركا لا تتفق مع الطموحات الإسرائيلية التي تسعى إلى تصوير إيران كعدو دائم.
ويختم: "إسرائيل لم توفّر أي جهد في حربها ضد إيران، سواء عبر الحرب السيبرانية، أو الاغتيالات، أو عبر تنمية عملاء لها على الأرض. هذا الأمر ليس جديداً، لكن الجديد هو أن إسرائيل تجرّأت على قصف طهران لمدة 12 يوماً، وأحدثت خسائر هائلة. في المقابل، كان الإيرانيون مستعدّين لمثل هذا العمل، فلم يُفاجأوا، وطبّقوا مقولة أن أخطر وسيلة للدفاع هي الهجوم. وبالتالي، عندما يصرّح الرئيس ترامب بأنه أنقذ إسرائيل، فهذا يعني أنها تضررت كثيراً من الصواريخ الإيرانية، ويُظهر أن الأمور ليست بيد إسرائيل بل بيد أميركا، التي أنقذتها".