عن الوحش القاتل... والعالم الذي لم يهتزّ!

ماري جو متى

8/1/2025 6:15:15 AM

ليست هذه السطور من باب النداء، فالعالم "حرفيّاً" لا يسمع. إنّها من باب الغضب. هناك، في تلك البقعة القريبة – البعيدة منّا، حيث انتهت الحياة منذ ما يقارب السنتين، تُقتل الأجساد جوعاً، وينتهي الكلام...

صورُ الأطفال الجائعين تملأ مواقع التواصل الإجتماعي. عددها عدد منشورات الطعام والمحتوى "الجائع" للشهرة. أرواحٌ هزيلة ما عاشت من الحياة إلّا أسوأها. عددها أيضاً عدد التنديدات الدوليّة الكثيرة والصمت المهين. إنّها مجاعة حقيقيّة تصوّر أمام الكاميرات، ولا من يتحرّك... نخجل أمام هذه المشاهد. نعود لنفكّر مرّتين: ما الذي دفع بالعالم ليصبح قاسياً إلى هذا الحدّ؟ أيّ جنون دفع به لتهزّه العلاقات العاطفيّة السخيفة لمدير تنفيذي أكثر من طفل معدته فارغة؟ أيّ عالمٍ هذا الذي يتردّد آلاف المرّات قبل أن يطلق على كلّ ما يحدث في غزّة مصطلحات الإبادة والمجاعة؟ 
نخجل أمام ما نراه من صور. نخجل ممّا نأكل ونشرب في وقت تتساقط فيه الأجساد تعباً على الطرقات. نخجل من حياتنا اليوميّة حين نسمع أخبار أمّهات غزّة ورجالها وأطبّائها وصحافيّيها... تخيّلوا أن يرهن قارئ مكتبته الكاملة للبيع مقابل كيس طحين؟ تماماً مثلما عرض صحافي كاميرته التي لا يعيش سوى منها. هو صحافي نعم، لكنّه في النهاية إنسان... وأب. كلّ ذلك ولم أذكر بعد ذلك الشاب الذي عرض كليته للبيع مقابل كيس واحد من الدقيق... أيّ لعنة هذه؟ 
فليسجّل التاريخ أنّه تحت شمس القرن الواحد والعشرين مات الأطفال جوعاً. فليكتب بين هوامشه أنّ قوانينه الدوليّة عجزت عن محاكمة وحش جائع للدم ولا يتغذّى سوى من رفات الأبرياء. وحشٌ يقصف المستشفيات والمدارس نهاراً ويختار من يرشّح لجائزة نوبل للسلام ليلاً. فليذكر التاريخ أنّه حين يلقّننا قادة العالم الكبار دروساً في الإنسانيّة والديمقراطيّة لم يجد أهالي غزّة ما يطعمونه لأطفالهم... 

منطقةٌ مقدّسة سماوياً وملعونة جغرافياً، يأكلها وحش الموت والجوع تدريجاً، أمعاؤها فارغة كما أقدارها وأحلامها.. أما آن الأوان للعالم أن يهتزّ من أجلها؟
All rights reserved. Copyrights © 2025 mtv.com.lb
  • أسرارهم أسرارهن
  • أخبار النجوم
  • سياسة
  • ناس
  • إقتصاد
  • فن
  • منوعات
  • رياضة
  • مطبخ
  • تكنولوجيا
  • جمال
  • مجتمع
  • محليات
  • إقليمي ودولي
  • من الصحافة
  • صحة
  • متفرقات
  • ABOUT_MTV
  • PRODUCTION
  • ADVERTISE
  • CAREERS
  • CONTACT