الاعتراف بدولة فلسطين "زوبعة سياسية" تؤرق إسرائيل
نايف عازار
8/5/2025 6:47:42 AM
أحدث إعلان عدد من الدول الغربية، أبرزها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وهولندا وكندا، توجّهها إلى الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول المقبل، "زوبعة سياسية" في الداخل الإسرائيلي. فصناع القرار في تل أبيب ينظرون إلى هذا الاعتراف بعين الريبة، كونه يشير إلى تصدّع الدعم الغربي التقليدي والتاريخي للدولة العبرية، فضلًا عن أنّ هذا التوجّه يُعتبر نتيجة مباشرة لتزايد الضغوط والانتقادات الدولية لنهج إسرائيل العسكري، خصوصًا في قطاع غزة المنكوب، حيث ترتكب تل أبيب حرب إبادة جماعية ضدّ الغزيين المجوَّعين، وفي الضفة الغربية، حيث تتواصل الانتهاكات ضدّ الفلسطينيين والاقتحامات لمدن عدّة، في ظلّ مجاهرة إسرائيل بعزمها ضمّ مزيد من أراضي "يهودا والسامرة".
وترتاب الدولة العبرية كذلك من أن يعبّد الاعتراف الغربي بدولة فلسطين الطريق أمام قرارات أشدّ قسوة في مجلس الأمن الدولي، تدفع في اتجاه محاسبتها أمام محاكم دولية، خصوصًا في حال تكلّلت الخطوة باعتراف رسمي في المجلس الدولي بدعم من الدول الدائمة العضوية فيه، وهو ما يبدو حتى الآن بعيد المنال.
رئيس الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرّفة بنيامين نتنياهو، الغارق في وحول غزة، صبّ جام غضبه على الإعلان الغربي، وعبّر بطبيعة الحال عن معارضته الشديدة له، واصفًا الاعتراف بدولة فلسطين بأنه "عقاب للضحية" وبأنّ قيامها على حدود بلاده سيجعلها "دولة جهادية" تشكل لاحقًا تهديدًا حتى للدول الأوروبّية. وإذا كان "بيبي" متيقنًا من أنّ الإعلان هذا لا يعدو كونه خطوة دبلوماسية رمزية من جانب "القارة العجوز" التي لطالما آزرت بلاده، إلّا أنّ الخطوة تؤرقه في حربه على غزة، إذ إنّ من شأنها أن تزيد الضغوط الغربية عليه لوضع حدّ لأطول حروب الدولة العبرية وأشدّها بطشًا وإجرامًا في القطاع المنكوب والمحاصر، حيث يتساقط الجياع يوميًا على مرأى من المجتمعَين العربي والغربي.
الإعلام العبري وضع الحراك الغربي الرامي للاعتراف بدولة فلسطين في خانة الضغط السياسي، ووصف في معظمه الخطوة بالرمزية، وبأنها لن ترقى إلى إحداث تغيير جوهري في "الستاتيكو الحالي".
محرّر الشؤون العالمية في "القناة 12" الإسرائيلية عيران نير، وصف التحرّكات الأوروبّية للاعتراف بدولة فلسطين بـ "التسونامي السياسي"، لكنه أقرّ في الوقت عينه بأنّ هذه الخطوة تحمل طابعًا رمزيًا أكثر من كونها تغييرًا ملموسًا في الواقع الفلسطيني. وأضاف نير أنّ الاعتراف بدولة فلسطين يُنظر إليه أيضًا كأداة ضغط سياسي على إسرائيل لإجبارها على الانخراط في مسار تسوية ووقف الحرب المستمرّة، خصوصًا في ظلّ انسداد الأفق السياسي وفشل الخيارات الدبلوماسية التقليدية.
مراسلة موقع "زمان يسرائيل" بيرنيت غورين، جزمت كذلك بأن الاعتراف الذي تسعى إليه الدول الأوروبّية يُعدّ رمزيًا ولا يغيّر شيئًا على أرض الواقع، إذ سبق أن اعترفت 150 دولة بفلسطين منذ عام 2012. واعتبرت المراسلة الإسرائيلية أن هذه الخطوة تعكس إحباطًا دوليًا من سياسات إسرائيل في غزة، لكنها لا تحمل دعمًا حقيقيًا للفلسطينيين، ولا تقدّم مساعدات ملموسة، ووصفتها بأنها "إذلال سياسي" لإسرائيل أكثر من كونها انتصارًا للفلسطينيين.
من جانبه، شنّ السفير الإسرائيلي السابق لدى إيطاليا درور إيدار في مقال نشره في صحيفة "يسرائيل هيوم" هجومًا لاذعًا على الدعوات الغربية المتزايدة للاعتراف بدولة فلسطينية، مستخدمًا لهجة تحريضية ضدّ الفلسطينيين، وموجّهًا انتقادات حادة لدول الغرب، خصوصًا فرنسا، التي وصفها بالفاشلة. واعتبر إيدار أنّ فكرة إقامة دولة فلسطينية هي هراء، مشيرًا إلى أن مجرّد مناقشتها بعد هجمات 7 أكتوبر يُعدّ نوعًا من "الإخلاص الخاص لعبدة الأوثان الفرنسيين". ورأى إيدار أن السلطة الفلسطينية لا تختلف في جوهرها عن حركة "حماس"، زاعمًا أنها تدفع الأموال للذين يقتلون اليهود، وأن عدم وقوع هجوم من جهة الضفة الغربية يعود فقط إلى عجز السلطة، وليس إلى اختلاف في النيات.