حوش السيّد علي بين الدماء والخرائط... من ينصفها؟
ماريا رحال
8/22/2025 6:17:00 AM
على ضفاف نهر العاصي، عند النقطة التي يعبر فيها الماء الحدود من لبنان إلى سوريا، تستقر قرية صغيرة تُدعى حوش السيّد علي. قرية تبدو للوهلة الأولى بسيطة وهادئة، لكن موقعها جعلها مساحة تتقاطع فيها الجغرافيا بالسياسة. حتى على محرّك البحث "غوغل"، يبقى اسمها ملتبسًا بين خيارين، الحوش اللبنانية التابعة لقضاء الهرمل، والحوش السورية الواقعة في منطقة القصير – حمص.
لم تعد الحياة اليومية في هذه القرية الحدودية الصغيرة، مجرّد تفاصيل ريفية. فقبل أكثر من أسبوع، استيقظ الأهالي على خبر دموي، وهو مقتل خضر محمد الحاج حسن أمام منزله بالرصاص. حادثة أعادت إشعال التوترات في منطقة يخضع الدخول إليها لإجراءات صارمة من الجيش اللبناني، بعد الاشتباكات الأخيرة التي وقعت على جانبي الحدود، حيث ينتشر الجيش السوري على الضفة المقابلة.
الدم الذي سال فتح باباً واسعاً على الهواجس. وبعد أيام قليلة، تداعت عشيرة آل الحاج حسن إلى اجتماع وأصدرت بياناً حمّلت فيه مسلّحين قادمين من الجانب السوري مسؤولية الجريمة، ووصفتها بـ"الإرهابية"، معتبرة أنّها تأتي في سياق "اعتداءات متكرّرة من المسلّحين السوريين". وفي المقابل، أشارت مصادر عسكرية إلى أنّ التحقيقات لم تحسم هوية مطلقي النار، تاركة الاحتمالات مفتوحة أمام القضاء والأجهزة المختصّة.
وفي مقابلة خاصة لموقع mtv، قال رئيس بلدية الشواغير السابق، علي خضر الحاج حسن، إنّ "القرية لبنانية منذ استقلال لبنان، ووُضع لها رقم عقار رسمي (322)، وكانت فيها ثكنة للجيش اللبناني ومدرسة رسمية منذ تأسيس الدولة". وأضاف: "حين سمعنا ادعاءات بأن أرض حوش السيد علي سورية، توجهنا إلى القيادات اللبنانية ووزارة الدفاع بمستندات الملكية التي تملكها العائلات، وأثبتنا أن الأرض لبنانية بالكامل".
وتابع الحاج حسن قائلاً: "المخاطر التي نعيشها اليوم كبيرة. فالاعتداء الذي حصل في ١٧ آذار كان غدراً. نحن 250 عائلة، ولو لم يدافع شبابنا عن الأرض، لكان المسلحون وصلوا إلى نسائنا وأطفالنا".
وأشار إلى أنّ هناك تواصلاً دائماً مع الجيش ووزارة الدفاع، لكنه شدد على أنّ "استشهاد أولادنا ونهب ممتلكاتنا وحرق بيوتنا لم يعد أمرًا يمكن تحمله". وأردف: "التزمنا راية الجيش في السلم والحرب، لكننا نطالب بترسيم الحدود وضمان حماية أهالي البلدة".
وختم الحاج حسن بالقول: "الخريطة الفرنسية تُثبت أن حدود لبنان أبعد مما نحن عليه الآن، وحوش السيد علي لا يمكن أن تكون سورية. آن الأوان لأن يُحسم هذا الملف، فالكثير من الأهالي هجّروا ولم يسأل عنهم أحد، وهم يفتشون عن مناطق أكثر أماناً".
بين روايات العائلات ومخاوف التهجير ووقع الرصاص، يبرز حلّ واحد يتفق عليه الأهالي: ترسيم واضح للحدود، وحماية راسخة تحت راية الجيش اللبناني. فبغير ذلك، ستبقى البلدة رهينة الالتباس، بين خريطة معلّقة على الورق وواقع ملتهب على الأرض.