إيليو لم يكن يعلم...
داني حداد
10/27/2025 10:06:45 AM
سنغضب ونكتب ونعدّ التقارير، ثمّ نمضي في يوميّاتنا. ذوو الشاب ايليو أبو حنا ومحبّوه سيسكنهم جرح الغياب الى الأبد.
توفّي ايليو أبو حنا برصاص مسلّح فلسطيني لأنّه لم يرضَ أن يمتثل الى أوامره بالتوقّف، وربما سؤاله عن اسمه ومكان وجهته. لم يكن ايليو يعلم بأنّ تسليم السلاح الفلسطيني مسرحيّة حكوميّة هزليّة. "بيك أب" أو اثنان محمّلان ببعض الذخيرة، وانتهى الموضوع.
ولم يكن ايليو يعلم بأنّه، على أرض وطنه، يجب أن يخضع لأوامر مسلّح فلسطيني على الرغم من أنّ هذا السلاح لم يخدم القضيّة الفلسطينيّة بشيء، بل تسبّب، ولا يزال، بقتل لبنانيّين وفلسطينيّين، وقد توزّعوا الى تنظيماتٍ مسلّحة للاقتتال في ما بينهم كزعران الأحياء.
ولم يكن ايليو يعلم بأنّ جهات لبنانيّة اعتبرت، في كثيرٍ من المراحل، بأنّ تنظيماً مسلّحاً فلسطينيّاً قد يكون بديلاً عن الجيش اللبناني، فحاربوا معه، وتموّلوا منه، وقتلوا لبنانيّين أيضاً باسم القضيّة الفلسطينيّة.
ولم يكن ايليو يعلم بأنّ هويّته الطائفيّة لا تسمح له بالتنقّل في المناطق اللبنانيّة كلّها، فقد يصادف مسلّحاً هنا، وحاجزاً هناك، وقد تصبح هويّته تهمة، ولو قيل لنا إنّ الحرب انتهت منذ ثلاثة عقود ونصف.
ولم يكن ايليو يعلم بأنّه، إن مات، فلن يحصد من المسؤولين إلا الأسف ولن تسهم دماؤه التي أرهقت بحصريّة سلاح لبناني أو فلسطيني. لعلّ القاتل شابٌّ أيضاً، من عمر ايليو، يحمل السلاح منذ عمر المراهقة ولا يجيد "مهنةً" غيرها، ولا يعلم بأنّ من حملوا لواء الدفاع عن قضيّته باعوا واشتروا وما حرّروا أرضاً. وهو لا يعلم، ربما، بأنّ طريق القدس بعيد وبات شعاراً للاستغلال، من لبنانيّين وفلسطينيّين، منذ اتفاق القاهرة اللعين الى حرب الإسناد الجريمة.
لم يكن ايليو يعلم، لكنّ من في الدولة يعلمون ما سبق كلّه. وهؤلاء شاركوا في إطلاق النار على إيليو، فقتلوه وقتلوا أحلام شبابٍ كثيرين.