الخطيئة
الأب الياس كرم
11/8/2025 7:49:00 AM
منذ فجر التاريخ، ومنذ اللحظة التي انحنى فيها الإنسان أمام غواية العصيان، فقد طهارته الأولى. فبسقوطه عن طاعة الله، انحدر من مجد السلطان إلى مذلّة العبودية، ومن نور الشركة الإلهية إلى ظلمة البُعد والتيه. ذلك الكائن الذي خُلق على صورة الله ومثاله، استسلم لإغراء الخطيئة التي تسللت إلى أعماقه، فاستطاب مكرهًا، وسار خلفها في درب الهوان، ظانًّا الصحراء واحة، حتى إذا به يكتشف قحالتها لأن الله لم يعد في وسطها.
عمّد الإنسان نفسه بخطايا لا تُعدّ ولا تُحصى، ففقد حريته التي أنعم الله بها عليه، وتاه في متاهات الظلمة وظلال الموت. رفض مشيئة الله، فانساق في شِباك الشرير، وغاب عنه طريق العودة، رغم أن الله ما زال باسطًا ذراعيه، ينتظر عودته بحبّ لا يكلّ.
تلك الحرية التي حوّلها الإنسان إلى عصيان، أفضت به إلى موتٍ روحي، إذ غدت الخطيئة عنده عادة يومية، بل متعة قاتلة. صارت السرقة مهارةً، والقتل بطولةً، والزنا حريةً، والكذب رجولةً، والإهانة فطنةً، والكبرياء مجدًا، والجشع قناعةً، والحسد سلوكًا مألوفًا، والشهوة رغبةً لا غبار عليها، والشراهة اعتدالًا، والكسل اجتهادًا.
لقد تسلّلت الخطيئة إلى تفاصيل الحياة، إلى الفكر والكلمة والفعل، حتى باتت جزءًا من يوميات الإنسان، يمارسها وكأنها من المسلّمات، ضاربًا عرض الحائط بمفهوم الدينونة والثواب والعقاب. صار الشذوذ قاعدة، والصواب استثناء، وغدا فاعل الخير يُستغرب، فيما الخطيئة تُبرَّر وتُزيَّن، وكأن من يعمل بالحقّ خارج عن المألوف.
في عصرنا هذا، استُسهِلت الخطيئة حتى أصبحت خبزًا يوميًّا على مائدة الإنسان، لا يفرّق فيها بين لون أو مذهب أو عرق. أمّا في الفكر المسيحي، فليست الخطيئة مجرّد ذنب أو هفوة، بل هي داءٌ روحيّ يُضعف طبيعة الإنسان ويفسد صورة الله فيه، ولا يُشفى منه إلا بعمل المسيح الفدائي الذي غفر الخطايا على الصليب. هدف الحياة المسيحية هو الشفاء من هذا الداء، واستعادة صورة الله فينا، والاتحاد به بالإيمان والتوبة وأسرار الكنيسة المقدّسة. فالاعتراف ليس خزيًا بل باب خلاصٍ وتحرّرٍ من عبودية الخطيئة.
فلنعد إذًا إلى التعليم القويم، ولننبذ الخطيئة ونعترف بوجودها ومرارتها. لنصغِ إلى صوت الضمير، ولنفتح قلوبنا للتوبة الصادقة، علّنا نُرمّم ما خسرناه تحت وطأة العصيان. لا تخافوا من التوبة، فالمسيح نفسه قال في الإنجيل: «لا تخف» ثلاثمائة وخمسًا وستين مرة — وعدٌ يوميّ بأن الغفران متاح في كل حين.
وكما يقول يوحنا الرسول:
"إن اعترفنا بخطايانا، فهو أمين وعادل، فيغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (١ يوحنا ١: ٩).
عمّد الإنسان نفسه بخطايا لا تُعدّ ولا تُحصى، ففقد حريته التي أنعم الله بها عليه، وتاه في متاهات الظلمة وظلال الموت. رفض مشيئة الله، فانساق في شِباك الشرير، وغاب عنه طريق العودة، رغم أن الله ما زال باسطًا ذراعيه، ينتظر عودته بحبّ لا يكلّ.
تلك الحرية التي حوّلها الإنسان إلى عصيان، أفضت به إلى موتٍ روحي، إذ غدت الخطيئة عنده عادة يومية، بل متعة قاتلة. صارت السرقة مهارةً، والقتل بطولةً، والزنا حريةً، والكذب رجولةً، والإهانة فطنةً، والكبرياء مجدًا، والجشع قناعةً، والحسد سلوكًا مألوفًا، والشهوة رغبةً لا غبار عليها، والشراهة اعتدالًا، والكسل اجتهادًا.
لقد تسلّلت الخطيئة إلى تفاصيل الحياة، إلى الفكر والكلمة والفعل، حتى باتت جزءًا من يوميات الإنسان، يمارسها وكأنها من المسلّمات، ضاربًا عرض الحائط بمفهوم الدينونة والثواب والعقاب. صار الشذوذ قاعدة، والصواب استثناء، وغدا فاعل الخير يُستغرب، فيما الخطيئة تُبرَّر وتُزيَّن، وكأن من يعمل بالحقّ خارج عن المألوف.
في عصرنا هذا، استُسهِلت الخطيئة حتى أصبحت خبزًا يوميًّا على مائدة الإنسان، لا يفرّق فيها بين لون أو مذهب أو عرق. أمّا في الفكر المسيحي، فليست الخطيئة مجرّد ذنب أو هفوة، بل هي داءٌ روحيّ يُضعف طبيعة الإنسان ويفسد صورة الله فيه، ولا يُشفى منه إلا بعمل المسيح الفدائي الذي غفر الخطايا على الصليب. هدف الحياة المسيحية هو الشفاء من هذا الداء، واستعادة صورة الله فينا، والاتحاد به بالإيمان والتوبة وأسرار الكنيسة المقدّسة. فالاعتراف ليس خزيًا بل باب خلاصٍ وتحرّرٍ من عبودية الخطيئة.
فلنعد إذًا إلى التعليم القويم، ولننبذ الخطيئة ونعترف بوجودها ومرارتها. لنصغِ إلى صوت الضمير، ولنفتح قلوبنا للتوبة الصادقة، علّنا نُرمّم ما خسرناه تحت وطأة العصيان. لا تخافوا من التوبة، فالمسيح نفسه قال في الإنجيل: «لا تخف» ثلاثمائة وخمسًا وستين مرة — وعدٌ يوميّ بأن الغفران متاح في كل حين.
وكما يقول يوحنا الرسول:
"إن اعترفنا بخطايانا، فهو أمين وعادل، فيغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (١ يوحنا ١: ٩).