لبنان يدشّن 2026 بـ "إلى شمال الليطاني دُر"
12/21/2025 6:56:12 AM
رسّم رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام «الخطوةَ التاليةَ» التي ستقوم بها بيروت مع انطلاق سنة 2026 في ما خص ملف تفكيك ترسانة «حزب الله»، بإعلانه «أن المرحلةَ الأولى من خطة حَصْرِ السلاح المتعلّقة بجنوب نهر الليطاني باتت على بُعد أيام من الانتهاء، والدولةُ جاهِزةٌ للانتقال إلى المرحلة الثانية، أي إلى شمال النهر، استناداً إلى الخطة التي أعدّها الجيش اللبناني بناءً على تكليف من الحكومة».
وبهذا الموقف يكون سلام، الذي اتخذتْ حكومتُه في 5 آب الماضي، قراراً تاريخياً بحصْر السلاح في يدها تحت وطأة ضغوطٍ أميركية ديبلوماسية، وأخرى ميدانية إسرائيلية، حَسَمَ مبدئياً أن لا «تمديدَ» لمرحلة جنوب الليطاني (بذريعةِ أن تل أبيب ما زالت تحتلّ نقاطاً على الحدود الجنوبية للبنان) وأن الحكومة تتّجه في جلستها في 5 أو 6 كانون الأوّل لإعلان هذه البقعة منزوعة السلاح وإن غير «منزوعة الاحتلال».
«تسليم وتسلُّم»
كما أن رئيسَ الحكومة وبكلامه بعد استقباله رئيس الوفد اللبناني المفاوض في «الميكانيزم» السفير سيمون كرم غداة الاجتماع الثاني للجنة بصيغتها المعزّزة الـ ما فوق عسكرية، أعطى واقعياً إشارةً إلى أن العدّ العكسي بدأ لـ «تسليم وتسلُّم» في المراحل بين جنوب الليطاني وشماله، وتحديداً إلى منطقةِ «ما بين النهرين» (اي الليطاني والأولي)، وفق الخطة التي كان وضعها الجيش اللبناني وتبناها مجلس الوزراء في 5 سبتمبر.
وإذ أكد سلام، بعد اطلاعه على تفاصيل ونتائج اجتماع «المكيانيزم» (الجمعة)، «ضرورة توفير كل الدعم اللازم للجيش اللبناني لتمكينه من الاضطلاع الكامل بمسؤولياته الوطنية»، فإن إعلانَه الضمني «إلى شمال الليطاني دُر» بدا معطوفاً على المناخاتِ الخارجية التي حَضَّتْ بيروت على مزيدٍ من «الإقدام» بخطةِ حَصْرِ السلاح باعتبار أن ذلك يمكن أن يدعّم «خطوطَ الدفاع» عن لبنان، وإن انتقالياً، بوجه تَحَفُّز إسرائيل للضغط على زناد الحرب الجديدة.
ورأت أوساطٌ سياسيةٌ في هذا الإطار، أن تمديدَ «فترة السماح» الأميركية للبنان لإنهاء سَحْبِ السلاح (كانت منتَظرة نهاية السنة) وتالياً «إقناع» إسرائيل بتعليقٍ جديد لضربتها العسكرية التي كانت تتحفّز لها قبل أسابيع وأَرْجَأَتْها لِما بعد 31 كانون الأوّل أي أوائل كانون الثاني، يتطلّب «أدواتٍ إضافيةٍ» ليس أقلها الانتقال «المباشر» الى مرحلة شمال الليطاني وأيضاً مع جدولٍ زمني يَجْري رصْد إذا كان سيُعتمد كما مع جنوب النهر.
وإذ اعتُبر اللقاء الفرنسي – الأميركي – السعودي في باريس (الخميس) بحضورِ قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل وما أُعلن بعده من تَوافُقِ على عقد مؤتمرِ دَعْمِ الجيش في شباط (من دون تحديد التاريخ النهائي ولا المكان) أحد «المحفّزات» الرئيسية لبيروت للمضيّ بخطةِ حَصْرِ السلاح - كي لا يُقال «المتطلّبات» منها - فإنّ هذا الموعد انطوى أيضاً على إشارةٍ برغبةٍ في مَنْحِ لبنان «فرصةً إضافيةً» لترجمةِ التزامها «ذاتياً».
«قنبلة فَرَحٍ»
ورغم ارتفاعِ «أسهم» تأجيلٍ جديدٍ للتصعيد الإسرائيلي، وهو ما يَجعل بيروت تتجه لعيديْ الميلاد ورأس السنة وكانها تستعدّ لـ «قنبلة فَرَحٍ» ستنفجر في «استراحة ما بين عاصفتين»، فإنّ الأوساط تَعتبر أن المحكّ الفعلي لِما سيكون على الجبهة اللبنانية يشكّله لقاءُ دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو (29 الحالي) والذي طغى عليه كَشْفُ أن الأخير سيُطْلِع الرئيسَ الأميركي «على خياراتِ مهاجمة برنامج إيران الصاروخي الباليستي مجدداً».
وهذه النقطة تحديداً تطلّ على لبنان و«حزب الله»، باعتبار أن خَفايا رفْض الأخير القاطع لتسليم سلاحه شمال الليطاني ولأي سيناريواتٍ مثل تجميده لقاء تعهّد بعد استخدامه، تَرتبط بـ «حبل النار» الذي لم تقطعه واشنطن وتل أبيب بعد بالكامل مع طهران الذي يتّصل بها الحزب بـ «حَبْلِ السرة» ويشكّل «خط الدفاع» الثقيل الأخير عنها والذي ترغب إسرائيل في «تحييده» قبل «إدارة الفوهات» مجدداً نحو إيران.
ولم يكن عابراً أن تَعتبر الأوساط نفسها أن لبنان لا يمكن وهو «يقيس» خطواته اللاحقة في ملف سَحْبِ السلاح، شمال الليطاني، أن يتغاضى عن واقعِ أنه بات وإن بطريقةٍ غير مباشرة في «عين الصقر» التي أطلقتها الولايات المتحدة في سوريا ضد «داعش»، وكرّر معها ترامب تفعيل استراتيجية «السلام عبر القوة» التي سبق أن لوّح بها قبل أيام تجاه حزب الله ايضاً حين قال إن دولاً عدة مستعدة للتحرك ضده «ولكن قلت ليس عليكم فعل ذلك، و(لكن) قد تضطرون».