رسائل في أكثر من إتجاه!

3/6/2014 12:55:15 PM

قد يكون من «المجحف» بحقّ «حزب الله» أن تقتصر قراءة بيانه الشهير ضدّ من وصَفه بـ«ساكن قصر بعبدا»، على أنه «تصفية حساب» مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، أو على أنه «مجرّد تعليق» على خطابه «الذهبي» عن «المعادلات الخشبية»، أي معادلة «الشعب والجيش والمقاومة».

وإذ كان مؤكداً أنّ «حزب الله» منزعج من سليمان لأسباب تبدأ بمواقفه الأخيرة ولا تنتهي بجهوده لتسليح الجيش اللبناني عبر «الهبة السعودية» بالتوازي مع دوره في إنجاح مؤتمر دعم لبنان في باريس، يبدو واضحاً أنّ في بيان «حزب الله»، المكتوب بدقة متناهية، و»بما قل ودل»، رسائل «حمّالة أوجه» بأكثر من إتجاه، من الرد على «ساكن القصر اليوم» بقصف مباشر، إلى «ترهيب» مَن سيسكن القصر غداً بشظايا القصف غير المباشر، كائناً من يكون، حتى ولو كان حليفه المسيحي العماد ميشال عون مَن سيسكنه، بصفته مرشحاً رئاسياً دائماً، يرى في الإستحقاق الرئاسي المقبل فرصته للوصول إلى قصر بعبدا، بعد تأليف حكومة الرئيس تمام سلام.

وما بين الرسالتين، ما هو أهم، في ظل ما ينطوي عليه بيان «حزب الله» من «قنص سياسي خبيث» على بكركي، ومَن تعمل معهم من أفرقاء سياسيّين مسيحيّين ومسلمين، في مقدمهم الرئيس سعد الحريري الذي التقى أخيراً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في روما، من أجل رسم «خريطة طريق» للإستحقاق الرئاسي المقبل، بعيداً من ألغام «حزب الله» المزروعة من لبنان إلى سوريا.

و»حزب الله» بكلامه هذا يُمهّد للإطاحة بانتخابات رئاسة الجمهورية، للوصول إلى الفراغ في ما وصفه الرئيس الحريري بـ»منصب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي، لا بل الرئيس المسيحي الوحيد من سواحل الهند إلى شواطئ المغرب»، بما يخدم المصالح الأسدية - الإيرانية نفسها، التي تُعيد لبنان اليوم إلى «دائرة التصعيد»، ولا سيما بعد الزيارة الأخيرة لرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الايراني علاء الدين بروجردي.

الرسائل وصلت إلى من يهمّه الأمر، ولا شك في أنّ رئيس الجمهورية أصاب بردّه الهادئ والرصين على «حزب الله» بقوله وبـ»عناية خاصة»، ما مفاده أنّ «قصر بعبدا بحاجة إلى الإعتراف بالمقرّرات التي تم الإجماع عليها في أرجائه، أي إعلان بعبدا».

وبالأمس، أصاب «المطارنة الموارنة» في بيانهم الشهري الذي ربط بين «كرامة الرئاسة الأولى» و»كرامة الوطن»، في تتمة لرسالة بكركي السابقة التي وصلت مدويّة إلى الجميع، وفي مقدمهم «حزب الله»، عبر «المذكرة الوطنية»، التي أشارت إلى أنّ «إنتخاب رئيس الجمهورية الجديد، يُعدّ ضرورة للبنان، لكي يظهر لذاته وللعالم أنه بلد يحترم ديموقراطيته في تداول السلطة، وأنه حريص على دستوره»، بعيداً من «الإستغلال المبرح للديموقراطية التوافقية» التي يتذرّع بها «حزب الله» دائماً لتعطيل الإستحقاقات الدستورية.

من هنا، تبرز أهميّة ما تقوم به بكركي، إن عبر «المذكرة الوطنية» أو عبر دعوتها الأقطاب المسييحين إلى تحمّل مسؤولياتهم إزاء الإستحقاق الرئاسي، في محاولة لخلق ديناميكية رئاسية، باتت أشبه بكرة ثلج تتدحرج بقوة الثوابت الوطنية والدستورية، لتفرض «أمراً واقعاً» يؤمّن النصاب الدستوري لجلسة انتخاب الرئيس الجديد كأولوية في 25 أيار المقبل، لكي تأخذ اللعبة الديموقراطية مداها.

ليس سراً القول إنّ إبطال مفاعيل رسائل «حزب الله» حمالة الأوجه، هو مسؤولية وطنية مشتركة بين المسيحيين والمسلمين، وهذه المسؤولية لا تُترجم بالأقوال، إنما بأفعال من كل الأفرقاء، وفي مقدمهم الأفرقاء المسيحيين، تبني وتزيد على تأكيد الرئيس سعد الحريري، في الذكرى التاسعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، إصرار تيار «المستقبل» على «أن يكون هناك رئيس جديد للجمهورية في 25 أيار المقبل، يمثل الإرادة الوطنية للمسيحيين، ويرفض كل وصاية إلّا وصاية الدستور».

خلاصة القول، إنّ تأمين «العبور الآمن» إلى إنتخابات رئاسية ديموقراطية، هو استحقاق مفصلي بكل ما للكلمة من معنى، وهو «الحدّ الفاصل» بين بقاء الجمهورية أو ضياعها، لعلّ وعسى يُميّز «حزب الله» حينها بين «ذهب الدولة» و»خشب الدويلة»، ويكف عن «السخرية» بأنّ في لبنان مَن لا يُميّز بين الذهب والخشب!

 

زياد القادري

All rights reserved. Copyrights © 2025 mtv.com.lb
  • أسرارهم أسرارهن
  • أخبار النجوم
  • سياسة
  • ناس
  • إقتصاد
  • فن
  • منوعات
  • رياضة
  • مطبخ
  • تكنولوجيا
  • جمال
  • مجتمع
  • محليات
  • إقليمي ودولي
  • من الصحافة
  • صحة
  • متفرقات
  • ABOUT_MTV
  • PRODUCTION
  • ADVERTISE
  • CAREERS
  • CONTACT