مشروع «جذور» يستهدف مسيحيي الاغتراب
كلير شكر
01/01/0001
يسمع في الولايات الأميركية الصدى المدوي لـ«الهاجس» المسيحي. ولعله الدافع الأول لجولة البطريرك الماروني بشارة الراعي. «شبح» التآكل تبدى فاقعاً في الدراسة التي نشرتها «المؤسسة المارونية للانتشار» من إعداد يوسف دويهي عام 2006 والتي انتهت الى التنبيه من أن «المسيحيين معرضون الى أن يقتصر عددهم على 10% من سكان لبنان إذا لم يتداركوا الأمر من الآن ولغاية الثلاثين سنة المقبلة». دقت الدراسة ناقوس الخطر بشكل «فجّ» هذه المرة وعلى «رنينه» تجهد المؤسسة لاتجاه إعادة لبنانيي العالم من المسيحيين الى الـ«جذور» وهو الإسم الذي تعرف به المؤسسة في أميركا وكندا.
يتلكأ المسيحيون في الإقدام على تسجيل أنفسهم «أنا من أصل لبناني» في القنصليات والسفارات حيث يقطنون منذ سنوات طويلة بعيداً من «الوطن الأم». ندى سالم أبي سمرا المديرة التنفيذية لمشروع «جذور» (روتس)، تلفت الانتباه الى مخاوف عدة تكبّل هؤلاء ومنها «مواجهة الأعمال البيروقراطية أو مشاكل في نقل الأسماء التي تختلف كتابتها عادة بين العربية والأجنبية».
ملفات كثيرة ضاعت في الماضي وهذا ما تتجنبه المؤسسة التي يرأسها ميشال إده. تم توزيع تسعة منسقين على القنصليات لمتابعة كل الملفات وتوفير كل الوثائق المطلوبة ومطابقتها مع الأصلية، خصوصا أن السلطات الأميركية باتت تقبل على عكس الماضي بنسخة عن الوثائق وليس الوثائق الأصلية. وفي إطار «العمل الأمين في مهمة وطنية بامتياز» تشير أبي سمرا الى أن المشروع يقضي بـ«توثيق كل ملف وحفظ رقم الحقيبة التي يتوجه بها الى لبنان».
نمط الحياة السريع هنا يلعب ضد هدف المشروع الأساس. المؤسسة تعوّل على «التحفيز الإعلامي» للبنانيين المقيمين في الخارج لكي يأخذوا الأمر على محمل الجدّ ولا يرددوا فقط غناء الحملة الترويجية التي أطلقتها سابقاً المؤسسة «ما تأجل.. سجّل إنك لبناني». علماً أن «وزارة الخارجية اللبنانية تبدي كل تعاون لتسهيل المعاملات وتجميع الوثائق وإعفاء المسجلين من أي رسم كما كان يحصل سابقاً» على ما يؤكد عضو مجلس الإدارة في المؤسسة أنطونيو عندار.
المؤسسة تحمل اسم المارونية، لكنها في هذا المشروع «تعمل لكل المسيحيين واللبنانيين. فمشروعها يشمل كل المسيحيين من الموارنة الى الكاثوليك والأرثوذكس والسريان والأرمن وغيرهم. «ليتنا نسجل كذلك المسيحيين من فلسطين وسوريا والأردن... فهم يطلبون منا ذلك أيضاً»» تقول أبي سمرا، موضحة أن المشروع يتعلق باللبنانيين فقط. ومنذ أيار الماضي، تاريخ إطلاق المشروع الى اليوم سجل بين 450 و500 عائلة من أصل لبناني.
ماذا عن الجيلين الثاني والثالث من الأميركيين من أصل لبناني؟ تواجه المؤسسة في هذا الموضوع مسألة قديمة جديدة لم تحل بأهمية إقرار قانون «استعادة الجنسية». عنداري يأمل أن تصدق الوعود الحكومية ويطرح مشروع القانون في جلسة مجلس الوزراء المقبلة. ولكن ما هي «الإغراءات» لكي يقدم من هو من أصل لبناني على أن يتسجل؟ وهل هذا ما زال مصدر فخر في ظل ما يعاني منه البلد الأم من شوائب الفساد في النظام والبيئة...؟ في الشأن المادي المنفعة تترجم في «حقوق الإرث والإعفاء من ازدواجية الضرائب وحق الانتخاب في حال إقراره». أما في الروح، فتقول أبي سمرا: «أميركا فيها من كل واد عصا ودائماً تُسأل: من أين أصلك؟ فهل تقبلون بأن المســيحيين باتوا عشرة في المئة؟ هل هذا مصدر فخر لكم؟».
منذ الاستقلال تحدث حوالى 27 بيانا وزاريا عن المغتربين وحقوقهم وأي منها لم يتحقق. ولعل المؤسسة استوحت شعار مشروعها «الحفاظ على فخرنا بجذورنا اللبنانية»، من «هياكل» هذه البيانات ومن إصرار البطريرك الراعي على حمل «الألم المسيحي» أينما حل. فبعدما درج اللبنانيون على تصدير خلافاتهم وسياساتهم المصالحية الى الخارج حان الوقت لإعادة تصدير ما يجمعهم الى الداخل اللبناني. إبنة أستاذ أبي سمرا لبنانية مسلمة وتبدي حماستها الشديدة للمساهمة في إنجاح المشروع فـ«حفاظنا على وجودنا بالمناصفة ينبع من حرصنا على العيش المشترك وهذه هي هوية لبنان».