الحكومة تنشغل عن الخروق والتهديدات بالأجور

اميل خوري

01/01/0001

فيما الحكومة منشغلة بحل مشكلة زيادة الأجور في مقابل زيادة ضرائب، وهذا أسوأ الحلول، يبدو انها غير مبالية بالخروق وازدياد التوتر على الحدود مع سوريا وارتفاع وتيرة التهديدات الاسرائيلية التي قد تشعل حرباً تعم المنطقة ويصبح لبنان عندئذ ساحة مفتوحة لها لأنه يقع جغرافياً بين دولة شقيقة هي سوريا لا تجعله يرتاح اذا لم تكن مرتاحة، ودولة عدوة هي اسرائيل تتربص به شرا.

هذا الوضع الذي يواجهه لبنان كان العماد ميشال عون قد توقعه في مناسبة توقيع كتابه: "رؤيتي للبنان" في منزله في الرابية عام 2007 عندما قال ردا على سؤال حول العلاقات بين سوريا ولبنان: "هناك خلط بين العلاقة الثابتة التي يجب ان تكون مع سوريا والخلاف مع النظام، فالخلاف مع النظام في سوريا امر طبيعي ومن الممكن ان يكون ناتجا من اغتيال الشهيد رفيق الحريري ومن مشكلات اخرى، لكن لا يحق لنا ان نختلف على العلاقة الثابتة والاساسية بيننا وبين سوريا الدولة بصرف النظر عن الاشخاص الذين يكونون في النظام وإن ارتكبوا اخطاء تجاهنا. لذلك عندما تكلمنا عن المحكمة الدولية، تكلمنا على فصل مسؤولية الافراد عن العلاقة مع الدولة السورية. وان من يهاجم سوريا هو من يعطيها الذرائع لتعود فتدخل الى الوضع اللبناني".

الى ذلك، فإن تهديدات اسرائيل لكل من سوريا ولبنان اذا ما تعرضت لاطلاق صواريخ، وتهديدات سوريا لاسرائيل ولبنان والمنطقة اذا سقط النظام فيها، تطرح اسئلة مهمة تثير القلق والهلع ألا وهي: هل هذه التهديدات جدية وماذا يفعل لبنان لتدارك اخطارها؟ بل ماذا يفعل المجتمع الدولي لمنع تنفيذها؟ ومن هي الجهة التي ستكون حاضرة للاهتمام بلبنان وضبط الوضع الامني فيه اذا ما تدهور؟

ثمة من يعتقد بأن النظام في سوريا اذا انتصر على خصومه فقد يكون لهذا الانتصار تداعيات في لبنان، واذا سقط هذا النظام بقوة خصومه، فقد يكون لسقوطه تداعيات ايضا في لبنان والمنطقة. وان اسرائيل قد لا تبقى متفرجة في الحالتين خصوصا اذا رد النظام في سوريا، في حال واجه خطر السقوط، باشعال جبهة الجولان وجبهة الجنوب اللبناني وجبهة غزة باطلاق صواريخ تصيب مواقع عسكرية حيوية في العمق الاسرائيلي. وعندها تشتعل المنطقة ويبدأ الصراع الاقليمي والدولي على تقاسم النفوذ فيه تحت اشكال مختلفة، إما بشكل "سايكس بيكو" جديد يضع خريطة جديدة للشرق الاوسط وإما بتفكيك دول المنطقة بعد ان تكون الثورات العربية قد اغرقتها في فوضى عارمة، لتذهب بها نحو "الفيديرالية" او الكونفيديرالية المذهبية، وهو ما تعمل له اسرائيل اذا فشلت الولايات المتحدة الاميركية في مصادرة الثورات العربية واعطائها الشكل الذي تريد، بحيث تدخل المنطقة مرحلة جديدة من المعادلات والتوازنات السياسية والعسكرية فيستيطع الرئيس الاميركي باراك اوباما ان ينجح في تحقيق ذلك، وتوظيف هذا النجاح لمصلحته في الانتخابات الرئاسية المقبلة تجديدا لولايته.

وثمة من يعتقد بأن اسرائيل قد تذهب الى خيار السلام في المنطقة اذا فرضت عليها التحولات العربية ذلك ووجدت نفسها امام حالة جديدة لم تعهدها من قبل وهي تتابع الثورات العربية، التي تكشف حالة التخبط التي تمر بها اسرائيل او حالة اللااستقرار التي قد يمر بها العالم العربي في ظل الاحداث التي تشهدها دول المنطقة والتي ادت حتى الآن الى سقوط ثلاثة انظمة والباقي على الطريق، وهي حالة قد تستمر سنوات وقد لا تستقر إلا بتفكيك دول المنطقة وتقسيمها او بتحقيق سلام شامل يأتي به تعب الجميع.

لذلك على السلطة اللبنانية ان تولي ما يجري في سوريا اهتمامها لما له من انعكاس في لبنان وبالتالي في اسرائيل والمنطقة، وهذا الخطر الداهم هو الذي ينبغي ان يدعو القادة العقلاء الى عقد مؤتمر وطني واسع لتجنيب لبنان تداعيات ما يجري في سوريا، وهذا يحتاج الى اتفاق على موقف واحد يضع الخلافات السياسية والشخصية جانبا حتى وإن تطلب الامر تشكيل حكومة اتحاد وطني، وهو وقت تشكيلها، لتحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية والدولية باستثناء اسرائيل، حكومة تضع حدا للصراع في لبنان وعلى لبنان، خصوصا بعدما حذر اكثر من مسؤول عربي ودولي من احتمال انطلاق شرارة سورية عابرة للحدود تنقل الفتنة من سوريا الى لبنان... وعندها من يستطيع اطفاءها في زمن الفوضى العربية والاقليمية وصراعات النفوذ بين الدول الكبرى؟ فلا شيء قد يمنع ذلك سوى حكومة اتحاد وطني يتفق اركانها على تجنيب لبنان شتى المخاطر وتسد ابوابه في وجه العواصف، وهذا ما ينبغي على الرئيس سليمان العمل له بتحميل المسؤولية لكل فريق، والا فإن الثورة في سوريا قد تتحول فتنة، وهذه الفتنة قد تنتقل الى لبنان حيث طرف مع النظام في سوريا وطرف آخر ضد النظام، وان المنتصر قد ينتقم من المهزوم فيتحقق عندئذ ما تريده اسرائيل. الواقع ان لبنان ليس في حاجة الى استراتيجية دفاعية بقدر ما هو في حاجة الى استراتيجية لحماية نفسه من الاخطار الآتية اليه من الداخل والخارج.

All rights reserved. Copyrights © 2025 mtv.com.lb
  • أسرارهم أسرارهن
  • أخبار النجوم
  • سياسة
  • ناس
  • إقتصاد
  • فن
  • منوعات
  • رياضة
  • مطبخ
  • تكنولوجيا
  • جمال
  • مجتمع
  • محليات
  • إقليمي ودولي
  • من الصحافة
  • صحة
  • متفرقات
  • ABOUT_MTV
  • PRODUCTION
  • ADVERTISE
  • CAREERS
  • CONTACT