سوريا بلا جيران؛ ولبنان بلا حكومة!

جورج شاهين

01/01/0001

عَبر لبنان اليوم الخامس بعد المئة بلا حكومة وهو في حال من الكوما السياسية، فالرئيس المكلف نجيب ميقاتي يهدد من وقت لآخر بحكومة أمر واقع من التكنوقراط قياسا على التجربة التي قادها لحكومة الأشهر الستة التي توَلّت الحكم بعد اغتيال الرئيس الحريري وتحضيرا لانتخابات حزيران 2005. لكن، ومع كل موجة تحذير وتهديد، تتراصف المواقف من مختلف أقطاب الأكثرية الجديدة، فيحذره الرئيس نبيه بري من مثل هذه الخطوة ويدعوه الى التريّث بانتظار المزيد من الاتصالات، ويؤكد العماد ميشال عون بأن اية حكومة من هذا النوع "سنسقطها في الشارع"، في وقت يدعو فيه النائب وليد جنبلاط الى الانتحار الجماعي ويوسّع مستشاروه من نطاق اتهاماتهم الى الأكثرية الجديدة بالعجز عن تشكيل الحكومة، وكل ذلك يجري على وقع صمت يميز حزب الله عن حلفائه، ما يخفي تأجيلا او عدم رغبة بالاعتراف بالعجز في إطلاق عملية التأليف، نظرا الى حجم الصعوبات التي يواجهها مع الرئيس المكلف من جهة وحلفائه من جهة أخرى.

بهذه العبارات المختصرة يمكن لأي مراقب ان يختصر المواقف التي تتحكم بالأكثرية الجديدة التي سمّت الرئيس ميقاتي، وتسعى الى جانبه من اجل حكومة يريدونها من لون واحد وفق جدول اعمال وبيان وزاري تمّ وضع بنوده على مراحل، منذ ان تقرر إسقاط الحكومة الحريرية السابقة في 12 كانون الثاني الماضي، وبعدما نجحوا في إحراج الأكثرية السابقة فأخرجوها.

خريطة طريق مقفلة

لكن هذه المعادلة التي أرادتها الأكثرية خريطة طريق للحكومة الجديدة باتت اليوم في خبر كان، بعدما عجزت هذه الأكثرية عن توليد الحكومة، ليس لسبب يتصل بالخلاف على هوية وزير الداخلية ولمن سيكون، لرئيس الجمهورية او للعماد ميشال عون، ومن سيتولى حقائب الطاقة والاتصالات والمالية، لأن في هذه القراءة المبسطة للأمور إخفاء مقصود لسلسلة من العوائق التي تحول دون تركيب مثل هذه الحكومة التي ستقطع صلات الدولة بالمحكمة الدولية، وتقود لبنان الى محور الممانعة للسياسة الأميركية في المنطقة، وتعزّز تحالف لبنان بالمحور السوري - الإيراني، وهو أمر بات مستحيلا في ظل الصعوبات التي بات يواجهها هذا المحور على غير مستوى داخلي وخارجي.

المحور السوري

فالمعطيات التي باتت تتحكم بالوضع في الداخل السوري منذ اكثر من 50 يوما، وانشغال القيادة السورية اليومي بأحداث الانتفاضة، وضع سلّم أولويات جديد للقيادة السورية. فبدل ان تتفرغ هذه القيادة بسياسييها وعسكرييها للتركيبة الحكومية اللبنانية كما كانت ترغب ان تكون، فتوزّع الحصص على الحلفاء القدامى والجدد وتهندس الحقائب وتستفتي الحلفاء في هذه الحقيبة او تلك، بات همها إحصاء شهدائها من العسكريين وفتح الطرق المقطوعة وكيفية تطويق الانتفاضات المتنقلة من مدينة الى أخرى، من على ابواب دمشق وريفها غربا وشرقا الى عمق درعا والسويداء في الجنوب الى بانياس شرقا والحسكة والقامشلي غربا. كما أصبحت هذه القيادة تخصّص وقتا طويلا لدرء مخاطر العقوبات التي باتت ترد تباعا من الولايات المتحدة الأميركية ومؤسسات المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي، وتبحث في آن عن الوسائل التي يمكن اللجوء اليها لترميم علاقاتها التي اهتزّت مع جارتها الأقرب تركيا، من خلال طرد السفير السوري في انقرة بعد أسابيع قليلة على تدشين "سد الصداقة" على نهر الفرات وعلى مقربة من حدود البلدين. ومع العراق الذي نادى وزير خارجيته "بحَتمية سقوط النظام السوري"، ومن هناك الى إرضاء العالم الغربي، ولتتعهّد له - قطعا لمسلسل جديد من التدابير والعقوبات - بأنها تتكفّل بتقديم رؤوس من إرهابيي المسلمين المتطرفين الذين يخوضون المواجهة معهم على الأراضي السورية. فوضعت، هذه القيادة، أحداث درعا تحت عنوان منع "قيام الإمارة الإسلامية" التي كانت على قاب قوسين او ادنى من أن تعلن من أحد مساجد المدينة، كما أكدت انها تخوض منذ يومين تجربة مماثلة في بانياس لمنع تكرار تجدد تجربة "مخيم نهر البارد" اللبنانية، وكل ذلك لملاقاة العالم الغربي في نصف الطريق وهو يبارك ويهنىء منذ مطلع الأسبوع الماضي بعملية قتل أسامة بن لادن، فتعدهم القيادة السورية برؤوس مشابهة له من أبنائه أو من أبناء عمه أو جنسه، وفي كل الحالات من هويته الإرهابية.

... والمحور الإيراني

هذا على المستوى السوري، أما على المستوى الإيراني، وعلى رغم الغموض الذي يلف مشهده الداخلي، فمما لا شك فيه ان حلفاء ايران في المنطقة قلقون منذ مدة. والسبب مردّه الى تطورات أحداث اليمن، حيث بات الرئيس اليمني المستهدف علي عبد الله صالح قادرا على رفع الصوت وتحريك الشارع في وجه الحوثيين والمعارضين اليمنيين، الى البحرين حيث استعادت العائلة المالكة المبادرة بدعم من قوات درع الجزيرة على حساب الانتفاضة الشيعية بوَجهيها الدستوري والشعبي، وصولا الى أحداث الداخل الإيراني حيث تتوالى الأنباء عن حجم الأزمة الداخلية التي نشأت بين مرشد الثورة الإمام السيد علي الخامنئي والرئيس احمدي نجاد، والتي باتت تهدد موقع الرئيس ونظامه.

وتأسيسا على ما تقدم، يبدو ان لبنان يعيش مشهدا سياسيا مستحدثا بوجهين متقابلين، ومعادلة تقول انه طالما سوريا باتت بلا جيران - أصدقاء سيبقى لبنان بلا حكومة.

All rights reserved. Copyrights © 2025 mtv.com.lb
  • أسرارهم أسرارهن
  • أخبار النجوم
  • سياسة
  • ناس
  • إقتصاد
  • فن
  • منوعات
  • رياضة
  • مطبخ
  • تكنولوجيا
  • جمال
  • مجتمع
  • محليات
  • إقليمي ودولي
  • من الصحافة
  • صحة
  • متفرقات
  • ABOUT_MTV
  • PRODUCTION
  • ADVERTISE
  • CAREERS
  • CONTACT