استعدّوا للانتخابات النيابيّة
5/9/2016 6:34:27 AM
سقطت الأوهام المفتعلة التي عممتها الطبقة السياسية على مدى سنوات حول عدم ملاءمة الاوضاع الامنية والظروف المحلية والاقليمية لإجراء أي انتخابات، فكان التمديد الاول ثم الثاني لمجلس النواب، وكان الشغور الرئاسي "المستدام"، بحجة الضرورات التي تبيح المحظورات.. قبل ان يتبين البارحة، بالعين المجردة، ان بإمكان اللبنانيين ان يقترعوا، ويتنافسوا، بشكل طبيعي من دون ان تنعكس الازمة السورية وحرب اليمن وتظاهرات العراق والتجاذبات الروسية الاميركية على سلامة العملية الانتخابية.
وحتى عرسال، المعروفة بوضعها الامني الحساس، نتيجة وجودها على تماس مباشر مع الارهاب التكفيري، خاضت الاستحقاق البلدي بكثافة ونجاح، في تحد للجماعات المسلحة، وحتى لمنطق السلطة الذي كان يتسلح في السابق بخصوصية واقع عرسال لتبرير "موبقات" التمديد..
البارحة، سقطت الذرائع التي تم باسمها تأجيل الانتخابات النيابية، وحرمان اللبنانيين من فرصة اختيار نوابهم، في الموعد الدستوري المحدد، وبالتالي فإن أصوات الناخبين في الاحد البلدي والاختياري بدت بمثابة صرخة ضد الطبقة الحاكمة وإدانة لها، بعدما ثبت بالدليل القاطع انها سلبت المواطنين أحد أهم حقوقهم السياسية والديموقراطية، وفرضت عليهم تمديدا غير مشروع ولا مبرر للمجلس النيابي المنتهية ولايته.
والمفارقة، ان الانتخابات البلدية والاختيارية الناجحة عموما، باستثناء بعض الثغرات والمخالفات الموضعية، إنما تمت في ظل غياب رئيس الجمهورية وشلل مجلس النواب وتخبط الحكومة، ما يعني ان اللبنانيين يملكون قدرا من الوعي والمسؤولية، يمنحهم "اكتفاء ذاتيا" لخوض الاستحقاقات الدستورية بأفضل طريقة ممكنة، حتى لو لم يبق من الدولة سوى الوجود الامني الذي تتطلبه حماية العملية الانتخابية.
ولعل نسب الاقتراع المرتفعة في العديد من المناطق، والتي لامست أحيانا حدود الـ70 في المئة، تعكس توق اللبنانيين الى التعبير عن أنفسهم وخياراتهم، بعد سنوات من "التصحرط والاقامة الجبرية خلف قضبان أمر واقع مهترئ، فاحت منه روائح النفايات والصفقات.