إنتخابات جبل لبنان: رشاوى و"مروحة خدمات"
5/16/2016 1:39:16 PM
أعلنت "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" في تقرير لها أن "الانتخابات البلدية والاختيارية في مرحلتها الثانية في محافظة جبل لبنان يوم أمس الأحد 15 أيار 2016، جرت في ظل أجواء هادئة نسبياً على المستوى الأمني، على الرغم من تسجيل العديد من الحوادث الأمنية المتفرقة التي تمكنت القوى الأمنية من إبقائها تحت السيطرة. وقد مارس المواطنون حقهم في الاقتراع واختيار ممثليهم في السلطات المحليّة في حين انتشرت أخبار عن دفع الرشاوى وشراء الأصوات انتشاراً واسعاً، وقد سجلت الجمعية العديد من المخالفات الى جانب توثيق بعض حالات الرشاوى".
أبرز المخالفات في محافظة جبل لبنان:
- تحسن ملموس في عملية الفرز في لجان القيد مما يمكن اعتباره مؤشراً ايجابياً لرفع جهوزية هيئات القلم.
- تواصل قبول سحب الترشحيات بعد انقضاء المهلة المحددة في حال أدت الانسحابات الى التزكية وفي ذلك تساهل يفتح المجال أمام تزايد الضغوطات على المرشحين.
- تواصل الترويج الانتخابي وتوزيع اللوائح وتواجد ماكينات انتخابية حزبية داخل وفي حرم مراكز الاقتراع في جميع المناطق.
- وقوع أعمال عنف داخل وفي محيط بعض مراكز وأقلام الاقتراع ما استدعى تدخل الجيش، وتوقّف العملية الانتخابية لبعض الوقت في بعض المناطق.
- تسجيل حالات دفع رشاوى وشراء أصوات وضغط على الناخبين.
- خرق فاضح لمبدأ الصمت الإنتخابي من جميع القوى السياسية والمرشحين والوسائل الإعلامية.
- تعرض مراقبي "الجمعية" للتهديد والمضايقات.
في الأجواء العامة للانتخابات:
شهدت العملية الانتخابية في يومها الثاني العديد من المخالفات التي تطرح علامات استفهام حول ديمقراطية الإنتخابات ونزاهتها، لاسيما لناحية رصد العديد من الرشاوى وشراء الأصوات من قبل الجمعية وكذلك من قبل وسائل الإعلام، بعد انتشار واسع لأخبار حول إنفاق انتخابي مرتفع لبعض المرشحين واللوائح. وبغض النظر عن مدى صحة هذه الأخبار جميعها أو وجود بعض المبالغات فيها لجهة الأرقام الخيالية التي تم تداولها، فإن دفع الرشاوى وشراء الأصوات، على أهميتها، ليست المخالفة الأبرز التي تضرب ديمقراطية الانتخابات أو تؤثر على صحة التمثيل دون سواها، ذلك أنها تعتبر السلعة الأقل قيمةً لدى الناخب، مقارنة مع مروحة الخدمات التي يتم عرضها على الناخبين أو التي يقترع الناس طمعاً بها، مثل الوظائف والخدمات الصحية والتربوية وغيرها، ذات الطابع الأكثر ديمومة، والتي يتمادى المرشحون وممثلو الكتل السياسية في إعطائها للناخبين، غالباً على حساب المصلحة العامة، بحسب ضمان أصواتهم وتقويض إرادتهم على المدى الطويل. كما أن المخالفات التي نشاهدها أثناء يوم الاقتراع، لاسيما المخالفة الأكثر تكراراً في هذه الانتخابات - الترويج الانتخابي داخل وفي محيط مركز الاقتراع - تؤثر بشكل مباشر على مزاج الناخب وبالتالي على خياراته، خاصة في حال تم استخدام وسائل الترغيب والترهيب المعتمدة من قبل المندوبين والتي غالباً ما تخيف الناخب وتشكل ضغطاً مباشراً قد يجعله يعيد النظر بخياراته السياسية.
إضافةً الى ذلك، فإن تجمهر المندوبين والماكينات الانتخابية والترويج الانتخابي داخل وفي محيط مراكز الاقتراع يؤدي الى حدوث فوضى داخل الأقلام - نظراً لصغر المساحات، وغالباً ما يتسبب ايضاً بوقوع أعمال عنف فيما بين مندوبي اللوائح المتنافسة ويستدعي تالياً تدخل القوى الأمنية وتوقف سير العملية الانتخابية وغيرها من المشاكل التي تعيق المسار الديمقراطي بشكل أساسي. وبالفعل، فقد شهد مراقبو الجمعية حدوث تلاسن وتدافع في حرم بعض المراكز سببها سوء التنظيم وعدم تدخل القوى الأمنية لحفظ النظام، ما أدّى إلى دخول ناخبين من دون التدقيق في هوياتهم.
كما نلفت النظر الى أن للحملات الانتخابية وللشعارات المستخدمة من قبل المرشحين واللوائح أثر مهم جداً في توجيه خيارات الناخبين، وذلك في مرحلة ما قبل الانتخابات، والتي تعمل الجمعية على مراقبتها وإصدار تقرير اسبوعي عنها، علماً أن هناك نقص واضح في القانون الانتخابي الحالي لجهة تنظيم الحملات الانتخابية البلدية والاختيارية بسبب عدم تشكيل هيئة مستقلة للإشراف على الحملة الانتخابية بالإضافة الى الكثير من الاستنسابية في تعاطي وزارة الداخلية مع النقص القانوني الحاصل والذي كان يمكن التعويض عنه بإصدار التعاميم والمراسيم التطبيقية بحسب المقتضى.
من ناحية أخرى، فقد سُجلت حالات منع لمراقبي الجمعية من دخول عدد من مراكز الاقتراع. كما رصد المراقبون عدم جهوزية عدد من المراكز لاستقبال الناخبين ذوي الاحتياجات الخاصة، وحالات اقتراع خارج العازل لاسيّما من قبل مندوبين شوهدوا وهم يقترعون عن ناخبين مسنّين. إلى ذلك، سُجّلت حالات اقتراع للعسكريين، وعند التدقيق بالموضوع مع وزارة الداخلية تبيّن أن هؤلاء ينتمون إلى شرطة حرس مجلس النواب وهم مستثنون من قانون منع العسكريين من الاقتراع، ونلفت الى أن ذلك غير ملحوظ في القانون ونطلب من الوزارة تقديم تفسير واضح عن هذا الموضوع. وسُجلت أيضاً حالات ضغط على الناخبين (11% من مجموع المخالفات)، في حين ما زال يتكرر المشهد المهين لحمل الناخبين ذوي الإعاقات على سلالم مراكز الاقتراع، خلافاً لما نصّ عليه القانون الانتخابي 25-2008 من جهة، والقانون 220-2000 الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقات من جهة أخرى.
وأخيراً، نوّهت "الجمعية" بالتزام وزارة الداخلية في التعاطي بجدية مع إخبارات الرشاوى وشراء الأصوات، بحيث ارتفع عدد الموقوفين في هذه القضايا إلى 6 في كل من جونيه، يحشوش، رعشين، البوار ودير شمرة. لكن وبناء على مشاهدات مراقبي الجمعية الموثّقة وبالأرقام والصور، يمكن القول إنّ المخالفات من شتّى الأنواع ما زالت قائمة. كما أثنت على الجهود التي بذلتها الوزارة بالنسبة الى تحسين أداء هيئات القلم بالنسبة الى فرز الأصوات ونظم المحاضر ولجان القيد في استقبال الصناديق واحتساب النتائج، وفي ذلك تحسن ملموس نسبة الى ما شهدناه في بيروت وبعض مناطق البقاع يوم الأحد الماضي.
وأعلنت الجمعية أنّ نسبة الإقتراع في محافظة جبل لبنان وصلت إلى 56% وقد رصدت "الجمعية" المخالفات التي تمت مشاهدتها على مستوى المحافظة من خلال مجموعة من المراقبين الثابتين والمتجوّلين المنتشرين في كافة الأقضية.