العبسي افتتح اعمال "لقاء الشبيبة الكاثوليكية في الشرق الأوسط"
8/9/2019 2:56:49 PM
افتتح بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي اعمال "لقاء الشبيبة الملكية الكاثوليكية في الشرق الاوسط" الذي يستمر ثلاثة ايام في مركز "لقاء" التابع للبطريركية في الربوة تحت شعار "لك اقول قم"، في حضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب ادي معلوف، الوزير السابق اللواء اشرف ريفي، المديرة العامة في مجلس النواب كريستين زعتر، مطران اللاتين سيزار اسايان، مطران الارمن الكاثوليك جورج اسادوريان، ومطارنة الروم الكاثوليك: ياسر عياش (الأردن)، عصام درويش (زحلة)، ايلي بشارة حداد (صيدا)، ادوار ضاهر (طرابلس)، الياس شقور (الجليل سابقا)، رئيس الديوان البطريركي الاب رامي واكيم، رجل الاعمال طلال مقدسي، المهندس ربيع عاصي وعدد من الكهنة والرهبان والراهبات وشخصيات، وبمشاركة عدد كبير من الشباب والشابات من مصر، الأردن، الكويت، سوريا،. فلسطين ولبنان.
استهل اللقاء بالنشيد الوطني مع مرشدية الصم ونشيد اللقاء مع جوقة استفانوس المنشئ، فصلاة الافتتاح مع لجنة الليتورجية، ثم كانت كلمة للمنسقة العامة للجنة الشبيبة البطريركية سينتيا غريب أشارت فيها الى ان عنوان اللقاء "لك اقول قم" جمع الشباب من كل أنحاء العالم العربي "لنحيي مجددا هويتنا الرومية الملكية الكاثوليكية، وما أجمل هذا اللقاء الذي يرعاه "بي الشبيبة"، البطريرك يوسف العبسي"، مشددة على ان "الشبيبة هي حاضر الكنيسة ومستقبلها، هذه الكنيسة الحية سنكون رسلها وشهادة صالحة لقيامة يسوع المسيح".
ثم القى كلمة المرشد العام للجنة الشبيبة الارشمندريت كميل ملحم كلمة شكر فيها للبطريرك العبسي رعايته ودعمه للجنة الشبيبة ولهذا اللقاء، وقال: "همنا في هذا اللقاء أن تستعيد الشبيبة دورها الكنسي الجامع لإبراز هويتنا وتراثنا الرومي الملكي الكاثوليكي، لنصبح كما أطلق علينا قداسة البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني "جسر عبور وانفتاح بين جميع الطوائف".
وأشار الى أن "لجنة الشبيبة تأسست لهذا الهدف ولتكون بمثابة الخميرة الاولى التي ستخمر العجين ببركة الله وابوتكم، وهذا المؤتمر سيكون الشرارة الاولى التي ستنير دروب حياتنا المتعثرة على هذه الأرض المشرقية فندرك ان الرجاء هو التزام وثبات".
وألقى البطريرك العبسي كلمة قال فيها: "أحييكم وأرحب بكم إلى هذا اللقاء الذي طالما صبت إليه قلوبنا والذي تعقِدونه اليوم في هذه الدار البطريركية، في هذا البيت الأبوي الذي ازدان وأزهر واكتملت فرحته اليوم بحضوركم. فالكرمة جمالها أغصانها وعناقيدها، والزيتونة فروعها وزيتونها. وأنتم الأغصان والعناقيد والفروع والزيتون تملأون البيت وتعطرونه وتجملونه. فأهلا وسهلا بكم.
أتيتم من بلاد متنوعة، لكن أتيتم من كنيسة واحدة تضمكم. أتيتم حاملين أعلاما متنوعة، لكن أتيتم حاملين راية واحدة تجمعكم، راية يسوع المسيح. عبرتم حدودا برية وجوية، لكن عبرتم أولا حدود قلوبكم وعقولكم، حدود عواطفكم وأفكاركم. سلكتم الطريق الملكية، طريق الرب يسوع الذي أسقط بصليبه كل حائط للانقسام والعداوة وأحل السلام في ما بيننا".
أضاف: "أصوات كثيرة تدوي في حياتكم، تتجاذبكم، تتنازعكم، من هنا ومن هناك، تريحكم، تتعبكم، لكنِ اليوم صوت واحد دوى، صوت يسوع، ينادي كل واحد منكم بمفرده: "لك أقول قم". فقمتم للحال وانطلقتم، لأنكم شعرتم أن لهذا الصوت نغمة عذبة وأن له مغزى ومعنى، وأن له صدى وبعدا، وأنه يسقي عطش قلوبكم. أجل يسوع المسيح هو الذي دعاكم وقد لبيتم دعوته.
الأنظار إليكم اليوم موجهة. هل ينجحون؟ أجل، ستنجحون. وقد نجحتم. فما أتيتم لتخفقوا وترسبوا. الشباب لا يعرف الإخفاق واليأس. صارحوا بعضكم بعضا وانفتحوا بعضكم على بعض. أروا بعضكم بعضا أحلامكم وتطلعاتكم وأطلعوا بعضكم بعضا على هواجسكم وهمومكم. أعلنوا للجميع خصوصياتكم الشبابية، ما أجملها وما أروعها. تضامنوا، فأنتم قوة هائلة تستطيع أن تجري التغيير، أن تصنع عنصرة جديدة بالروح القدس الساكن فيكم. أنظروا إلى هذا المشهد الواعد المليء بالقوة والجمال والغنى الذي تشكلونه الآن هنا. لا تنسحبوا من الساحة تحت أي عذر كان. يسوع يحبكم، يسوع يريدكم".
وتابع: "خرجتم من نمط حياتكم اليومية وأتيتم لتقضوا معا خبرة جديدة حلوة في فرح اللقاء والمشاركة. وقد أتى للقائكم بالفرح أيضا رعاة كنائسكم وخدامها من أساقفة ورهبان وراهبات وكذلك علمانيون منكم، الذين أصروا على مشاركتكم، مدللين باهتمامهم بكم على الأهمية التي لكم في عيونهم. لقد حركتم فينا شيئا ما دفعنا إلى الخروج إليكم بقلب واحد وإرادة واحدة وحماسة واحدة. وكيف لا؟ فهل تنسى الأم مرضعها؟ أنتم أغلى ما لدينا.
حضوركم اليوم ليس من أجلكم فقط. إنه شهادة لكل شاب وشابة من أي دين ومن أي بلد. أن الشباب هم جسر العبور والتلاقي بين الناس والشعوب والأديان. وأن الشباب هم الذين يحققون آمال البشرية ويتقدمون بها إلى الأمام. مدوا أياديكم إلى شباب العالم واشبكوها بأياديهم من أجل عالم يعم في أرجائه الفرح والرجاء والسلام. لا تقوقع ولا انكماش على أنفسكم ولا رفض للغير والمختلف. هذا اللقاء نريده الخطوة الأولى على الطريق. لا تقعدنكم الثغرات والتقصيرات ولا تضعفنكم الانتقادات. لقد وضعتم يدكم على المحراث. ومن يفعل لا ينظر إلى الوراء".
وأكد أن "كل هذا الذي ترونه، وكل الذي سوف ترونه، هو من صنع الشباب. لقد أظهروا أنهم قادرون على تحمل المسؤولية ولعب الدور المطلوب منهم بجدارة وشجاعة وأريحية. هذا اللقاء هو من صنع الشباب للشباب في مرحلة عنوانها الشباب لن تتوقف. وقد وردتنا رسائل ومكالمات تطلب أن نستمر متمنية لو كانت معنا وترافقنا بالصلاة. فالشكر لله على الشباب. الشكر لله عليكم. والشكر خصوصا لكم جميعا أيها الشبان والشابات الأحباء لأنكم سمعتم صوت الرب يسوع "لك أقول قم" وقمتم وأتيتم وحركتم شبابا آخرين حتى في أبعدَ من هذا المكان.
الشكر لفخامة الرئيس ميشال عون على كلمته ممثلا بمعالي الوزير سليم جريصاتي. شكرا لإخوتي السادة الأساقفة والآباء العامين والأمهات العامات على مشاركتهم. شكرا للجنة التحضير على عملها الجبار. شكرا لكل من ساعد وقدم من ماله أو تعبه أو وقته أو فكره أو محبته أو تشجيعه، أفرادا ومؤسساتٍ وجمعيات.
أهلا وسهلا من جديد. أتمنى لكم لقاء ناجحا. والذي قال لكم قوموا يبارك لقاءكم، يرافقكم ويحفظكم، يحفظ ذهابكم وإيابكم من الآن وإلى الأبد".
وفي الختام كانت كلمة للوزير جريصاتي نقل فيها تحية الرئيس عون قائلا: "أنقل إليكم جميعا ألف تحية وتحية من قصر الكرامة والعنفوان في بعبدا ومن سيد القصر، انتم شباب وشابات المسيح في المشرق العربي، انتم ملكيون اذا انتم نخبويون، ملكيتنا هي قبل كل شيء، قبول للآخر وتثقيف ونقل رسالة المسيح في التسامح وفي فهم الآخر وهواجسه والتمسك بتعاليم المسيح حيث نحن ، ففخامة الرئيس حيث انتم هو وحيث هو انتم في فكره وقلبه وذهنه. لم أجد الا رسالة واحدة انقلها إليكم اليوم وهي الرسالة التي نشرها فخامة الرئيس الى شبيبة لبنان والتي تصلح ان تكون رسالة مشرقية مسيحية".
وتلا جريصاتي نص الرسالة، وجاء فيها: "لقد ورثنا عن أجدادنا وطنا جميلا ولكن منهكا يحتاج إلى الكثير من الجهد والعمل على مختلف الأصعدة، ونحن نسعى بكل ما اوتينا لكي نسلمكم اياه بصورة افضل لتتابعوا انتم بدوركم ويستلم ابناؤكم واحفادكم ما هو أجمل وارقى.
هي سنة الطبيعة والحياة، أن يتكئ كل جيل على الدعائم التي يرسيها من سبقه، ويرتكز على خبرة الاجيال السابقة، يطورها ويغذيها ويغنيها بتجربته بعلوم ومعارف جديدة ويزيد مدماكا جديدا الى الصرح... هكذا تطورت البشرية وهكذا تراكمت المعرفة والعلم والثقافة وهكذا وصل الانسان الى ما وصل اليه من اختراعات وابداعات.
نعم، انتم مؤهلون ان تمتلكوا معرفة اكبر من تلك التي لدينا، كما سبق وامتلكتنا نحن معرفة اكبر من تلك التي كانت لدى آبائنا، فالمعرفة في تطور دائم وفي سباق مستمر مع الزمن، ولكن المبادئ والقيم والمثل فهي الثابتة وهي التي في خطر، فاحذروا لأنها ملح المجتمع، وفي سقوطها سقوطه.
إن البشر جميعهم يتساوون في الولادة وفي الموت ويتمايزون ويختلفون في عيش الحياة، يبدأ التمايز في الشكل واللون، في بصمة العين وفي بصمة الإصبع وبصمة الصوت، ويبدأ الاختلاف في بصمة الفكر وفي الرأي وفي الشعور وفي الانتماء. وهذا الاختلاف هو أكثر من حق، هو عصب الحياة وعصب التطور لانه فرادة الانسان، لولاه لما تقدمت الانسانية ولما عرفنا اي إبداع، تخيلوا للحظة لو ان البشر جميعا، منذ الانسان الأول مستنسخون فكريا، يحملون الرأي ذاته والتفكير ذاته، هل كانت البشرية خرجت من الكهوف؟
إن الاختلاف اذا نعمة وليس نقمة، والمهم هو طريقة إدارة الاختلاف وكيفية التعاطي معه، فجمع الفارق بيننا يغنينا ويدفعنا الى الى الامام في جميع الميادين، اما اذا جنحنا الى الخلاف فعندها نطرح فارقنا ونتقوقع، فنخسر ونفتقر ونتراجع.
الإدارة الصحيحة لحق الاختلاف تعنى اولا ان نعترف به، اي الاعتراف بحق الآخر ان يكون موجودا ومختلفا، بلونه وانتمائه وتفكيره ومعتقده ورأيه... هذا هو المجتمع الانساني الذي ننتمي اليه جميعا.
إن حرية المعتقد الديني والسياسي مقدسة، وتذكروا دائما أن علاقة الانسان مع خالقه علاقة عمودية مباشرة، لا يحق لاحد التدخل بها، وتذكروا ايضا ان فكر الانسان حر يحلق به كيفما شاء، وهو وحده يتحمل مسؤوليته في الخطأ وفي الصواب.
وبعد قبول حق الاختلاف تأتي حرية التعبير، وهي ايضا مقدسة ولكن سقفها الحقيقة وحدودها الاخلاق، فلكل انسان الحق بالتعبير عن ذاته، عن رأيه، عن معتقداته والسعي لاقناع الآخرين بها بالحجة والمنطق، ولكن اطلاق الشائعات والاكاذيب او اعتماد لغة الشتم وبذاءة الكلام لا يندرجان ضمن اي حرية لأنهما اعتداء على حقوق الآخر وعلى كرامته وسمعته ومصداقيته.
هذه هي مداميك المجتمع المتضامن والسور الذي يحمي الوطن، تذكروها جيدا : حق الاختلاف، حرية المعتقد والرأي، حرية التعبير، والتجربة علمتنا انها ثوابت لا يجب أن تمس، وعندما جنحنا في مرحلة الى المس بها كدنا نخسر الوطن.
أملي ان تتمكنوا انتم من ترسيخها اكثر فتنجحون حيث فشلنا".
وتخلل الافتتاح ترتيلة "رفعت عيني" أداها الفنان نقولا الاسطا وريبورتاج حول شعار" لك اقول قم" واختتم بنشيد اللقاء والتسبيح.