وبعد التحرش الجنسي إلى أين

إليز مرهج

01/01/0001

 

إن سلم القيم في لبنان بدأ يفقد درجاته درجة درجة, بل أصبحت مبادئ القيم دون مضمون!

فإذا وصل الانفلاش اللأخلاقي إلى هذا الحد فعلى القيم وعلى لبنان السلام, ولم يبقى سوى أن ننعي المجتمع ونقيم عليه مأتما وعويلا.

التحرش الجنسي الذي يمارس على الاطفال هو كسر آخر درجة من درجات سلم القيم. إنه المأساة الاجتماعية, إنه علامة الانحطاط الذي أتى مع المغول!

ويتساءل الناس: من المسؤول عن هذه الظاهرة الخطيرة؟ وتبدأ الاحكام على ردة الفعل لا على الفعل.

فالمتحرش هو المسؤول المباشر عن الجريمة ولكن هناك مسؤولون مخفيون يجب التوقف عندهم لانهم مشاركون بهذه الجريمة النكراء.

المسؤول الاول هم الأهل الذين بدأوا يستقيلون من وظيفتهم البيولوجية تجاه أولادهم وكذلك وظيفتهم الاجتماعية والنفسية.

فلا اهتمام ولا رقابة ولا مصارحة ولا إعطاء المجال للطفل أو الطفلة للبوح بما يخالج الولد من شعور وإحساس, بل كبت للمشاعر, وتخويف وإرهاب, فتنمو هذه المأساة الصامتة لتنفجر في المستقبل.

فأين هم الاهل؟ بل أين هو دورهم في المراقبة المستمرة والوقوف أمام كل شاردة وواردة من حيث تصرفات أولادهم, خاصة في مجتمع كل شيء فيه مباح؟

ولعل أفضل ما أختم به حول دور الأهل قول أحد الفلاسفة عندما سئل: متى نبدأ بتربية الطفل؟ فأجاب: قبل أن يولد بعشرين سنة.

فإلى المزيد من التضحية أيها الأهل لكي لا تكونوا شركاء فعليين في مأساة التحرش التي بدأت تؤذي أجيالنا, أي أولادكم وفلذات أكبادكم.

والمسؤول الثاني عن هذه المأساة المفجعة هي الدولة التي لا تعطي أية أهمية للطفولة وللتربية.

فهل تضع الدولة دراسة حول منهجية التعليم عند الاطفال؟ هل تفرض وجود أخصائيين في مشروع تربية الاطفال؟ وإذا كان انعدام القيم وراء هذه المشكلة الخطيرة فهل تسأل الدولة: من هم الذين يعلمون مادة المدنيات والتربية الاخلاقية في المدارس؟ وهل تعي أن اطفال اليوم هم رجال الغد؟ وأن حسن المصير هو عند السرير؟

إن دولة تقيم عقابا على ردة الفعل هي دولة عقيمة ومقصّرة لأن من واجبها استباق الامور كي لا تحصل وهذا هو دورها الاساسي.

اما المسؤول الثالث فهو إدارات المدارس التي يجب عليها انتقاء الهيئة التعليمية على اساس القيم الاخلاقية والوطنية والانسانية, لا على اساس المحسوبية والقرابة والوساطة.

فالمعلم هو واحد من الثلاثة الذين يبنون الاوطان كما قال جبران: "لبنان في ثلاثة: معلم يهديه, فلاح يغذيه وجندي يحميه".

فهل تعي ادارات المدارس هذه القضايا الحساسة؟ انه سؤال كبير يطرح على الضمائر فهل من جواب؟

ويبقى أن نقول أن المسؤول الاخير عن هذا الموضوع الخطير هو المجتمع الذي يجب على الاهل مراقبته قبل أن يدفعوا بأولادهم الى الانخراط به, خاصة الاطفال الذين من السهل عليهم التأقلم بالمحيط ويصحّ فيهم القول: "قل لي من تعاشر أقل لك من أنت".

وخلاصة القول, الطفولة أمانة في أعناق هؤلاء المسؤولين من أهل ودولة ومدرسة ومجتمع فحذار التفريط بهذه الامانة.

ويبقى ان ظاهرة التحرش الجنسي تقضّ مضاجعنا وتهدد بزوال مجتمعنا, فهل نحن حاضرون لثورة على الواقع الاليم قبل فوات الاوان؟

All rights reserved. Copyrights © 2025 mtv.com.lb
  • أسرارهم أسرارهن
  • أخبار النجوم
  • سياسة
  • ناس
  • إقتصاد
  • فن
  • منوعات
  • رياضة
  • مطبخ
  • تكنولوجيا
  • جمال
  • مجتمع
  • محليات
  • إقليمي ودولي
  • من الصحافة
  • صحة
  • متفرقات
  • ABOUT_MTV
  • PRODUCTION
  • ADVERTISE
  • CAREERS
  • CONTACT