كتبت صفاء درويش في موقع mtv:
ستكون انتخابات 2022، بلا شكّ، استحقاقًا مفصليًا في الحياة السياسية اللبنانية. معطيات عدّة تؤكّد أن الصراع الإنتخابي لا يقتصر على عدد مقاعد المجلس النيابي، وإنّما يتعدّاه الى شكل البلد السياسي، محليًا واقليميًا. هنا، باتت الإنتخابات معركةً نيابيةً ورئاسيّةً واقليميةً تتداخل فيها مصالح الداخل والخارج ويبني عليها الجميع آمالاً كبيرة.
في هذا الإطار، تؤكّد المعلومات أنّ جهدًا مشتركًا بدأ يُبذل في لبنان وسوريا لمحاولة العمل على توحيد مختلف مكوّنات فريق الثامن من آذار، سياسيًا وانتخابيًا، قبل الإستحقاق في آواخر آذار المقبل.
تتركّز الجهود هنا نحو الساحة المسيحية تحديدًا، كون معظم القراءات تعتبر أنّ المعركة الانتخابية الحقيقية ستحصل على المقاعد المسيحية، مستبعدةً كثيرًا أي تغيير فعلي في الساحتين الشيعية والدرزية، كما تستبعد حصول تغيير جذري سنيًا.
مسيحيًا، وتحديدًا في دائرة الشمال الثالثة، الانتخابات ليست نيابية سوى شكلًا. فالدائرة التي تضم جبران باسيل وسليمان فرنجية وميشال معوّض وسمير جعجع وبطرس حرب لا يمكن وصف انتخاباتها إلّا بالرئاسية. من هنا، يبدو بأن قرارًا اقليميًا ولبنانيًا اتّخذ لتوحيد فريق الثامن من آذار ولو بطريقة غير مباشرة، من أجل رفع حاصل الفريق في الدائرة هذه قدر الإمكان لتفادي أي أمر ليس في الحسبان. هذا القرار ورغم تأكيد جهاتٍ عدّة أن الحاجة إليه كبيرة، قد لا يسلك مسار التطبيق نتيجة تعنّت الأفرقاء السياسيين واتساع الهوّة فيما بينهم.
لذلك، ستحمل الأشهر المقبلة جهودًا جدّية لإقناع التيار الوطني الحر والمردة والحزب السوري القومي الإجتماعي، اضافةً الى مستقلين بتشكيل لائحة واحدة، على أن تُستمزج الآراء حول عدم ترشيح مرشحين من التيار الوطني الحر والمردة في الدائرة الصغرى نفسها، فيأتي التحالف هنا مصلحيًا وغير مباشر. حسابيًا، قد يتبدّل المشهد في الشهرين الأخيرين قبل الإنتخابات فتقتضي المصلحة في حينها تبديل أحجار الـpuzzle بما يتناسب مع رفع الحاصل، ولكن يبقى التوجّه هو محاولة جمع حلفاء حزب الله وسوريا في بوتقة واحدة!
وبعيدًا عن الشمال، تشير أجواء الثامن من آذار الى أن حزب الله ينظر بعين الجدّية التامة لانتخابات الساحة المسيحية، ولذلك سيسعى الحزب لضمان عدد من المقاعد بالاشتراك مع التيار الوطني الحر من خلال فرض مرشحين للتيار على لوائح في مناطق متداخلة لم ينجحا في تأمينها في استحقاق ٢٠١٨.
قد يكون المقعد الأورثوذكسي في بيروت الثانية والمقعد الكاثوليكي في بعلبك الهرمل ومقعد الاورثوذكس في مرجعيون مقدّمة المقاعد الاضافية التي حرمت الكيدية السياسية التيار الوطني الحر منها في السابق، على حد تعبير مصدر في الثامن من آذار، إلّا أن الأمور باتت مختلفة اليوم. وعن واقعية هذا الطرح يؤكّد أن المعركة هي معركة "طحن" وليست معركة أحجام فقط لا غير، ولذلك على الجميع التحلّي بالمسؤولية.
بالطبع، الأمر ليس بيد حزب الله وحده، فتشكيل اللوائح في هذه المناطق هو قرار مشترك بين مختلف القيادات السياسية ومن أبرزها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهنا يأتي دور حزب الله في لتذليل العقد وتقريب وجهات النظر.
فبين الانتخابات النيابية/الرئاسية في الشمال الثالثة، وبين تضافر الجهود لحسم المعركة مسيحيًا، هل يعود فريق الثامن من آذار إلى التقارب، أم أنّ مشهد ٢٠١٨ سيتكرّر في الإستحقاق المقبل؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك