جيسيكا حبشي
كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
رجلٌ دبلوماسي بإمتياز، ولكنّ الدبلوماسية لدى وزير الخارجية والمُغتربين في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة مطعّمة بصراحة قلّ نظيرها لدى العديد من السياسيّين، خصوصاً وأنّ الملفات الملّحة في لبنان باتت تدفع بالمسؤولين الى التنكّر والهروب، وفي أحسن الاحوال، الى الانتظار والتريّث، بدلاً من التحرّك العاجل والاستنفار التامّ.
وفي جلسةٍ جمعت عدداً من الصحافيّين في مكتبه المطلّ على السراي الكبير، تطرّق وهبة الى لقائه المطوّل مع وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل الذي زاره مودّعاً قبيل تركه لمنصبه، والى العديد من الملفات، بدءاً من تطوّرات موقف الادارة الاميركية الجديدة من ملفات الشرق الاوسط وتحديداً لبنان، مروراً بملف الحدود البحرية الجنوبية والشمالية مع "العدو" و"الجارة"، وصولاً الى الوضع الداخلي وملف الحكومة.
"بايدن أقرب إلينا"
موقع mtv سأل وهبة عن مضمون رسالة هيل له وما نقله عن الجانب الاميركي، فأوضح أن هيل "تطرق الى مقاربة الادارة الاميركية الجديدة لوضع لبنان والشرق الاوسط، وبحثنا في المفاوضات الاميركية - الايرانية، والاوضاع المتوترة بين روسيا وأوكرانيا، كما عرّجنا على ملف العقوبات المفروضة على سوريا وملف حلّ الدولتين في الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني"، كاشفاً أنّ "هناك مقاربة أميركية جديدة لهذه الملفات، ونحن أقرب الى مقاربة إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن من مقاربة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، وسنواكب أفكار الادارة الاميركية الجديدة لتحقيق مصالحنا".
وفي السياق ذاته، شدّد وهبة على أنّ "هيل يعرف لبنان جيّداً، وتربطنا علاقة قديمة به مذ كان سفيراً للولايات المتّحدة في لبنان، وكنّا على تواصل دائم معه، وهو صديقٌ للبنان وعلى دراية بأوضاعه وبملفات الشرق الاوسط، والموقف الاميركي الجديد أقرب لمفهومنا بالنسبة للحلّ في منطقة الشرق الاوسط. وعلى صعيد القضية الفلسطينية، فإن إدارة بايدن عادت الى حلّ الدولتين، وهذا ما تمسّك به القادة العرب في قمّة بيروت الاخيرة، ولا كلام عن صفقة القرن وعن حلول مفروضة على المنطقة، بالاضافة الى ذلك، عادت الولايات المتّحدة الى دعم دورها في الامم المتّحدة وفي المنظمات الدولية والى المفاوضات مع إيران في جنيف لتفعيل الاتفاق النووي، ما يشير الى أنّ الادارة الاميركية الحالية لديها قراءة مختلفة عن إدارة ترامب".
ونقل وزير الخارجية عن هيل تأكيده أنّ "لبنان لا يزال في إهتمامات الولايات المتّحدة، والاستقرار فيه من أهدافها، ولقد شدّدت من جهتي على دعم الجيش اللبناني وقد رحّب بهذا الامر مؤكّدا أن الجيش اللبناني هو جيش صديق، ولواشنطن ثقة بكفاءته، وهناك ضرورة لإستمرار التعاون بين الجيش و"اليونيفيل"، وتنفيذ القرار 1701، فضلا عن تشكيل حكومة جديدة لينتعش الاقتصاد اللبناني".
"عودوا الى المفاوضات حيث توقّفت"
وعن ملف الحدود البحرية الجنوبية، لفت وهبة الى أنّ "هيل سيبحث في هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية ميشال عون لانّ ملف المفاوضات غير المباشرة مع العدو الاسرائيلي وُضع في عهدة عون، ونحن ننفّذ ما يتمّ الاتفاق عليه بالنسبة لموضوع تعديل المرسوم، وهيل شدّد من جهته على أنه من الافضل العودة الى المفاوضات حيث توقّفت، وأنا أصرّيت على ضرورة أن تستمرّ الولايات المتّحدة بلعب دور الوسيط وبتفعيل التفاوض حفاظاً على حقوق لبنان في مياهه الاقليمية وعدم التفريط بها".
"عون لا يقدّم هدايا"
وردّا على سؤال لموقع mtvحول خطوة عون بعدم التوقيع على تعديل المرسوم وإحالته الى رئاسة مجلس الوزراء، قال وهبة: "لا يستطيع الرئيس عون تجاوز ما ورد في النصوص"، سائلا "إذا طُعن بالمرسوم وأُبطل هل نكون حقّقنا نتيجة؟"، وتابع "أنا كوزير خارجية، موقفي كان منذ البداية مع تعديل الخطّ 23 الى الخطّ 29 ولا زلت أصرّ على هذا الامر"، جازماً بأن "موقف عون ليس هدية لاحد، فالرئيس لا يقدّم هدايا من مصالح الوطن".
"ننتظر سوريا"
وبالنسبة للحدود البحرية مع سوريا، أشار وهبة الى أنه تمنّى على السفير السوري علي عبد الكريم علي تأليف وفد للتفاوض بين لبنان وسوريا لترسيم الحدود، مشيرا الى أنّ "لبنان بانتظار ردّ الحكومة السورية، ومن الجدير الاشارة الى أنّ المقاربة مع سوريا تختلف كليا عن المقاربة مع العدو الاسرائيلي، إذ ان التفاوض مع سوريا هو على أساس العلاقة الاخوية معها وهو تفاوض مباشر على عكس ما يحصل مع العدو الاسرائيلي، ونحن لن نسمح لموضوع الحدود البحرية بأن يضيع، فتركيزنا منصبّ عليه، ولكن هذا الملف يحتاج الى وقت".
"الخارج لن يحمل الفرج"
ومن ملف الحدود، إنتقل الحوار الى الوضع الداخلي حيث ذكر وهبة أن هيل لم يدخل في نقاش معه في موضوع الحكومة، موضحاً أنّ "التواصل الدبلوماسي مع دول الخارج لا يُساعد على الانفراج في الداخل، بل يُقدّم وجهة نظر الدول، وكلّ الاطراف في الداخل والخارج تريد تشكيل حكومة".
"ما ذنب لبنان؟"
وفي معرض ردّه على سؤال عن العقوبات على مسؤولين لبنانيّين، قال وزير الخارجية: "الاكيد هو أنّ لا دفعَ أميركيّا لاوروبا لفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيّين، وتباحثنا مع الولايات المتّحدة لاستضاحة تفسيرهم لعقوبات قانون قيصر المفروض على سوريا، وشدّدنا على أنه لا يجوز أن يتحمّل لبنان نتائج عقوبات لا ذنب له فيها، وقد أعرب هيل عن تفهمه لهذا الامر، والمواد الغذائية والمواد الصناعية التي تعبر الاراضي السورية لا تخضع للعقوبات"، نافياً، في مجال آخر، أن تكون الادارة الاميركية تقف وراء عرقلة إتفاق النفط الخام مع العراق، ورأى أنّ "تأجيل الموعد مع العراق لا يعني أنّ الاتفاق أُبطل وأُلغي".
"نحن لا نُهاجم بل ندافع"
"كيف سيدافع لبنان عن حدوده البحرية جنوباً في حال صعَّد الجانب الاسرائيلي ولم يُكتب للمفاوضات النّجاح"؟ سؤال حمله موقعنا لوهبة الذي أكّد لنا أن "لبنان غير مقبل على حربٍ، فموضوع الحرب ليس في حساباتنا، والمفاوضات هي لترسيم الحدود، ولبنان ليس في موقع تهديد في الوقت الحالي، وسنبذل كلّ جهدنا لعدم السماح لاسرائيل بالاقتراب من المناطق البحرية اللبنانيّة، وهنا دورنا أن نترك اليد ممدودة للتفاوض غير المباشر من جهة، وإبقاء الجهوزية التامة للدفاع عن سيادتنا وعن حقوقنا من جهة أخرى"، "نحن لا نُهاجم بل ندافع عن حقوقنا"، بهذه العبارة ختم الوزير.