كتبت رانيا شخطورة في "أخبار اليوم":
في نهاية تموز العام 2018، انتقل لبنان بشكل كلي من المازوت الاحمر الى المازوت الاخضر، وقد اعتبر الامر "إنجازا" ويحقق "المكاسب على المستوى البيئي"!
لكن يبدو ان هذا الانتقال الكلي لم يدم طويلا! اذ علمت وكالة "أخبار اليوم" ان المازوت الذي استورده حزب الله من ايران، ودخل بالقافلات الى لبنان ... هو مازوت أحمر! حيث افاد احد اصحاب المولدات انه قدّم الطلب ودفع ثمن البضاعة في احد فروع "القرض الحسن" في الضاحية، قائلا: لقد تمت تلبية ما طلبت لكن المفاجأة انه كان مازوتا أحمر لم يستورده لبنان منذ زمن طويل.
وكان وزير الطاقة الاسبق سيزار ابي خليل، قد اعلن في مؤتمر صحافي عقده في حزيران 2018، «لا كلفة اقتصادية إضافية على المواطن، لأن ظروف السوق أدت إلى تساوي أسعار المازوت الأحمر والأخضر». وقد "تغنى" ابي خليل وقت ذاك بما يحمل هذا المازوت من مفاعيل بيئية إيجابية بسبب الفرق بين نسبة الكبريت المرتفعة في المازوت الأحمر والنسبة المنخفضة في المازوت الأخضر، وشدد على انه "لن يبقى مازوت ملوث في السوق اللبنانية"، على الرغم من ان هذه الخطوة لم تشمل معامل انتاج الكهرباء.
على اي حال، اما وقد عاد هذا "الملوث" الى الاسواق التجارية، لا سيما وانه يستعمل لمولدات الكهرباء وعدد من القطاعات كالمستشفيات والافران -كما اعلن الحزب- فما الفرق بين المازوتين:
المازوت الأحمر يحتوي نسبة زفت تفوق 50% تلك التي يحتويها المازوت الأخضر.
ويحتوي المازوت الأحمر كميات من الكبريت تفوق 500 مرة نظيره الأخضر.
من هنا، تراجع إنتاج المازوت الأحمر في المصافي العالمية، لاسيما أن الدول الأوروبية اعتمدت استعمال المازوت الأخضر منذ سنوات. ولكن مع انخفاض إنتاج المازوت الأحمر وشح المعروض منه ارتفعت أسعاره تدريجاً حتى باتت متقاربة من أسعار المازوت الأخضر، على الرغم من فارق مستوى الجودة بين النوعين.
لذا، عمدت وزارة الطاقة اللبنانية وقتذاك إلى اعتماد مادة المازوت الأخضر للاستهلاك المحلي والتوقف عن استيراد مادة المازوت الأحمر الذي كان يفترض ان ينفد من الأسواق بحلول العام 2022، لكن قبل اشهر من هذا العام عاد ودخل مجددا!
ولكن في المقابل، لا بد من الاشارة الى أنّ المازوت الأخضر يتميز بسرعة احتراقه أكثر من الأحمر، وبالتالي العودة الى الاحمر قد يخفف من الكمية المستهلكة لدى المواطنين، كما ان الماكينات والمولدات التي تعتمد على الأخضر تحتاج الى صيانة اكثر... فهل قدم حزب الله هذه الميزات على ما سواها من أضرار، ام ان السعر الارخص اغراه بما يحقق المزيد الارباح، خصوصا وان "حزب الله" كان قد سعّر صفيحة المازوت الإيراني حتى نهاية أيلول بـ 140 الف ليرة، مع العلم ان السعر الذي حدد اليوم من قبل وزارة الطاقة هو 183,600 ليرة.
وفي هذا السياق، كشف مرجع مطلع على ملف النفط، ان هذا المازوت اتى مباشرة من ايران الى لبنان عبر مرفأ بانياس، مشيرا الى انه في سوريا لا يوجد هذا النوع من المازوت، مشيرا الى ان طن المازوت الاحمر ارخص من طن المازوت الاخضر بأكثر 50 دولار (في الاسواق العالمية).
وهنا، اكد المصدر ان هذا ما يبرر عدم اخضاع "مازوت حزب الله" للفحوصات المخبرية اللازمة، لان دفاتر شروط مناقصات شراء المازوت هي للاخضر فقط.
واخيرا، هل المواطن الغارق بالمشاكل الاقتصادية والأزمات المعيشية وانهيار قيمة الليرة سيكترث بالاضرار البيئية والمواصفات ام بالاسعار والدولارات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك