المنافسة التلفزيونيّة شيء والوطنيّة شيءٌ آخر. الخلافات السياسيّة شيء والوطنيّة شيءٌ آخر. قد ينتقد أحدنا خطّة كهرباء، وقد لا يعجبه أداء وزير، وربما ينتفض أمام مشهد نفايات فيشتم الدولة من رأسها حتى أخمص قدميها. هذا كلّه مباحٌ في الإعلام، خصوصاً في بلدٍ مثل لبنان تبقى حريّة الإعلام من سماته، أو ما تبقّى من هذه السمات.
ولكن، ما نراه من انحدارٍ في منسوب الوطنيّة ومن مبالغة في التطبيل للسعوديّة، من قبل محطّتَي LBCI و"الجديد"، يدعونا الى الاشمئزاز فعلاً. لا يعني كلامنا هذا أنّنا ضدّ المملكة. ولا يعني أبداً انتقالنا الى موقع العداء معها. ولكن، أن نحوّل شاشتين لبنانيّتين، في فترة يئنّ فيها اللبنانيّون من وجع الواقع المعيشي السيء، الى وسيلتَي "تطبيل" لبلدٍ آخر، ليس من منطلق القناعة بل من باب التزلّف سعياً لمكرُمة سعوديّة، فهو دليل نقصٍ في الوطنيّة وفي الكرامة في آن.
نحن نعرف، واللبنانيّون يعرفون، ويجب على السعوديّين، من سفيرهم الى كبار مسؤوليهم، أن يعرفوا أنّ بيار الضاهر جرّب البنادق كلّها، على الكتفين، من سوريا الى ليبيا، ومن القوات اللبنانيّة الى يمين حزب الله، وصولاً الى الاحتماء بالرئيس ميشال عون اليوم، طلباً لنصرٍ قضائيّ ومتوسّطاً معه للحصول على حقوق نقل مباريات رياضيّة بأبخس ثمن، بعد أن اتّهم صهره في الأمس بالسرقة واستغلال السلطة وتملّك عشرات العقارات. وهو لا يريد من السعوديّة لا ثقافتها ولا خطّة نهوضها ولا مدينة علا ومهرجان طنطورة ولا فناجين القهوة التي يقدّمها سفيرها، على شاطئ البحر أو في ربوع ثلوج لبنان، بل مالها فقط لا غير.
ونحن نعرف، واللبنانيّون يعرفون، ويجب على السعوديّين، من سفيرهم الى كبار مسؤوليهم، أن يعرفوا أنّ تحسين خيّاط جرّب أيضاً البنادق كلّها، على الكتفين، من سوريا الى ليبيا أيضاً، مروراً بدولٍ كثيرة أخرى، واستخدم محطّته للابتزاز يميناً ويساراً، ولم يوفّر في ذلك أهل البيت، وعادى رفيق الحريري ثمّ ابتزّ نجله، ورفع لواء حزب الله ثمّ شتم نبيه بري. جرّب تحسين خيّاط كلّ شيء، فعلاً كلّ شيء، وها هو يختبر اليوم التطبيل للسعوديّة التي أُوقف فيها في السابق أحد أفراد عائلته، وقد نراه راقصاً في مهرجان الجنادريّة، ملوّحاً بسيف المملكة بعد أن لوّح، وما يزال، بسيوف أعدائها. ولعلّ ما نشرته صحيفة "الأخبار" عن تطبيل "الجديد" للسعوديّة يكفي ليخجل آل خيّاط ومن يكتب مقدّمات التبجيل بالمملكة على شاشةٍ تعثر، بسهولة في أرشيفها، على شتّى أنواع التهم بحقّ السعوديّة...
يا أيّها الريال السعودي، كم من كراماتٍ لبنانيّة تُهدَر من أجلك!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك