رفضت الرئاسة التونسية مساء أمس الاحد تسليم البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد معمر القذافي لليبيا، متهمة رئيس الوزراء حمادي الجبالي بـ"تجاوز صلاحياته".
واعربت الرئاسة في بيان عن "رفضها" و"ادانتها" لقرار تسليم المحمودي إلى "الحكومة الليبية المؤقتة"، معتبرة ان التسليم "قرار غير شرعي ينطوي على تجاوز للصلاحيات، خاصة وأنه تم بشكل أحادي ودون استشارة وموافقة" الرئيس التونسي المنصف المرزوقي.
واوضحت ان تسليم المطلوبين للعدالة خارج تونس "يهم السياسة الخارجية لتونس أكثر مما يهم ميدان القضاء، وان السياسة الخارجية هي من صلاحيات رئاسة الجمهورية".
وأضافت الرئاسة ان الجبالي سلم المحمودي لليبيا "دون تشاور لا بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي) ولا في اجتماعات (أحزاب) الترويكا (التي تشكل الائتلاف الحاكم في تونس) وآخرها ذلك الذي انعقد يوم الجمعة 22 حزيران 2012".
وكانت الحكومة التونسية برئاسة الجبالي امين عام حركة النهضة الاسلامية، اعلنت في وقت سابق في بيان "تم اليوم الأحد 24 حزيران 2012 تسليم المواطن الليبي البغدادي علي أحمد المحمودي إلى الحكومة الليبية".
واوضحت ان التسليم جاء بعد "الاطلاع على تقرير اللجنة التونسية الموفدة الى طرابلس لمعاينة شروط توفر المحاكمة العادلة للمواطن البغدادي المحمودي، وبناء على تعهدات الحكومة الليبية بضمان حماية البغدادي المحمودي من كل تعد مادي أو معنوي وتجاوز مخالف لحقوق الانسان".
وحملت الرئاسة الجبالي مسؤولية "ما قد يكون لهذه الخطوة من انعكاسات على الائتلاف" الثلاثي الحاكم، مذكرة بان الحكومة الائتلافية "قامت على مبدأ الاتفاق المسبق حول كل القضايا الهامة، أما في حالة الخلاف فان الأمر يوضع أمام نواب الشعب في المجلس الوطني التأسيسي".
وقالت "ان تسليم البغدادي المحمودي بهذه الطريقة فيه خروج خطير عن مبدأ التوافق كما اقتضاه التنظيم المؤقت للسلطات العمومية وانحراف كبير عن المبادىء التي قام عليها الائتلاف (الحاكم) الحالي".
وأضافت الرئاسة ان "أمر التسليم الذي وقعه رئيس الحكومة فيه خرق واضح لالتزامات بلادنا الدولية وتجاه الأمم المتحدة خاصة وأن المنظمة الدولية للاجئين طالبت السلطات التونسية بعدم تسليم السيد المحمودي قبل البت في مطلب اللجوء المقدم من طرفه بحسب ما يجري به التعامل وفق اتفاقية جنيف لسنة 1951".
ورأت أن التسليم "يهدد صورة تونس في العالم ويظهرها كدولة غير ملتزمة بتعهداتها وغير حريصة على احترام مقومات المحاكمة العادلة".
وكررت الرئاسة التونسية تحميل "رئيس الحكومة كل المسؤولية في ما قد ينجر عن التسليم من تهديد للسلامة المعنوية والجسدية للبغدادي المحمودي".
وبحسب القانون التونسي، فان تسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج تونس لا يتم إلا بعد توقيع رئيس البلاد على مراسيم (قوانين) تسليم.
ووافقت رئاسة الحكومة التونسية على تسليم المحمودي إلى ليبيا خلال زيارة رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب لتونس في 17 و18 أيار الماضي لكنها اشترطت توفير "ضمانات محاكمة عادلة" له.
وكانت ليبيا وجهت طلبين رسميين بتسليم المحمودي لمحاكمته بتهمة الفساد المالي في عهد معمر القذافي، و"التحريض" على اغتصاب نساء ليبيات خلال ثورة 17 شباط 2011 التي أطاحت بنظام القذافي.
ورفض الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع توقيع قرار التسليم عازيا ذلك الى خشيته من تعرض المحمودي لـ"التعذيب" أو "القتل" مثلما حصل مع القذافي.
ووضع المحمودي في سجن المرناقية قرب العاصمة تونس منذ اعتقاله في 21 ايلول 2011 جنوب البلاد عندما كان يحاول التسلل إلى الجزائر المجاورة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك