ان يتصل نائب في لجنة الإعلام النيابية، ومدافع بشدة عن الإعلام، بقناة "الجديد" طالباً اسقاط حق الإدعاء عن المعتدي على المحطة، لهو أمر يدعو الى الأسف والأسى، والشفقة على أحوالنا في بلد يتغنى نوابه ووزراؤه، عبر الشاشات وفي الأحاديث الصحافية، بسعيهم الى تطبيق القانون، ويتنافسون في عرض رؤيتهم لدولة القانون، لدولة عصرية لا تميز بين أبنائها، فيما واقعهم المخفي يناقض الصورة الإعلامية
وان يدعو مسؤول حزبي ادارة القناة الى التخفيف من لهجتها تجاه المعتدين "لأن الشارع يكاد يتفلت من أيدينا"، لهو اعتراف صريح بأن الشارع ممسوك حتى ساعته، وان كل أنواع الشغب التي تمارس في غير مكان، هي صنيعة الممسكين به من شخصيات وزعماء وأحزاب.
وان يطلق رجل دين العنان لشهوائه ورغباته في الإمساك بالاذنين، والسحب من اللحى، وان يهدد مسؤولين رسميين وحزبيين، من دون ان يتحرك القضاء، لإعتراف سافر بعجز الدولة أمام "تجار الهيكل".
وان يعمل وزير على اصطحاب متهم في سيارته، وان يتحرك موكب رئيس حكومة لملاقاته، لأمر يحضّ على التنكر لهذا الواقع، والرجوع الى زمن مضى، يوم كان للدولة رجالات.
وان تقطع طريق المطار يومياً تضامناً مع المخطوفين الـ11 في سوريا، لحركة عنيفة تثير الإشمئزاز، وتمحو كل اثر للتعاطف مع ذويهم.
وان لا يعمد اللبنانيون للنزول الى الشارع رفضاً لكل هذه الممارسات، ورفضاً لإنقطاع الكهرباء، ولارتفاع الأسعار، ولانتهاك كراماتهم يومياً، لهو تأكيد على تخطي شعب طالما عرف بحيويته.
هذا الواقع خطير على مستقبل البلد، لانه يهجّر من تبقى من الأوادم، ويترك الساحة لأبناء الشوارع.
نقابة العاملين في المرئي والمسموع...يا حرام
يبدو ان العاملين في وسائل الإعلام المرئي والمسموع، الذين أطلقوا نقابة لهم قبل نحو شهر، لم يتفقوا على مصالحهم التي طالما نادوا بها واعتبروا ان حقوقهم كانت مهضومة اذ سدت نقابة المحررين أبوابها في وجوههم السمحة. وهم، عندما توافقوا على تأسيس نقابة، اختلفوا على الحصص ما بين 8 و14 آذار، فتعطلت لغة الكلام واستأثرت قوى 8 آذار بالنقابة، فإنسحب أعضاء الهيئة التأسيسية الموالون لـ14 آذار، كل المشاركين شاؤوا ان يؤكدوا ان لا خلاف سياسياً في الأمر. لكنهم كذبوا. الخلاف سياسي بإمتياز، والسياسة متى دخلت مشروعاً أفسدته. وهذا ما حصل.
هكذا ولد مجلس نقابي مبتور، لا لأن قوى 14 آذار ليست في صلبه، اذ ان وجودهم أمر ثانوي، لأنه غير ملزم، وغياب فريق شأن أساسي في الحياة الديموقراطية التي تفرض فوز فريق في الإنتخابات. لكن المجلس مبتور لأنه ولد من طريق "الخداع" وفق قول البعض، ومن طريق التواطؤ، ومن طريق عدم الوفاء بالإلتزام، اذا صدق اعلان المنسحبين!
وأما الباقون، فالأفضل لصورتهم الأولى ان تكون نقابتهم كاملة التمثيل، لا ان تكون من لون واحد، خصوصاً ان مستوى التمثيل جاء ضعيفاً، وخرجت منه مؤسسات اعلامية عريقة، وكبيرة، وربما أهم، أو توازي في الأهمية، تلك المشاركة.
نقابة العاملين في المرئي والمسموع، ولدت قبل أوانها على ما يبدو، أو هي لشدة التأخير، ولتبعات الولادة القيصرية، جاءت مبتورة وضعيفة، وما كنا نتمنى لها ذلك في انطلاقتها، وفي زمن الربيع العربي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك