عن "الثورات" اللبنانية و"زيح لإقعد محلّك"
08 Jul 202107:16 AM
عن "الثورات" اللبنانية و"زيح لإقعد محلّك"
كبريال مراد

كبريال مراد

كتب كبريال مراد في موقع mtv:

من يتابع الحسابات الرسمية على وسائل التواصل الإجتماعي لبعض "رموز الثورة"، يتأكّد من التعليقات والنقاشات الدائرة، أننا أمام ثورات لا ثورة واحدة. بمعنى أن هذا النفس التغييري الذي تركّز مع السابع عشر من تشرين الاول 2019، وخاض أكثر من مواجهة مع السلطة القائمة منذ ذلك الحين، لم ينجح حتى الآن في أن يكون "قلباً واحداً وعقلاً واحداً".

واذا كان كمال الصليبي قد سمّى يوماً الواقع اللبناني المنقسم على ذاته "بيت بمنازل كثيرة"، فإن هذا التوصيف ينطبق على هذه الحالة الإعتراضية، لا بل الحالات التي قد تلتقي على رفض "الطبقة الحاكمة" نعم، لكنها تختلف على كل ما قبل وما بعد هذا الرفض.
فإن سألت "الثوار" مثلاً أي لبنان تريدون؟ لحصلت على ألف إجابة وإجابة. هل هي الدولة المركزية؟ ام النظام الفيديرالي؟ هل هو نظام الطائف مع وجوه جديدة؟ ام الحاجة الى مؤتمر تأسيسي ينجم عنه نظام جديد؟ هل نبقي على الإقتصاد الحر ام نذهب الى تطبيق مندرجات شعارات الأنظمة اليسارية؟ هل ينزع سلاح حزب الله وكيف؟ لمن قرار الحرب والسلم في الدولة؟ من هو الصديق ومن هو العدو؟ هل تعتمد الدولة الزواج المدني اجبارياً ام اختيارياً أم لا؟ هل يمكن التحالف مع شخصيات ام أحزاب مارست الحياة السياسية ودخلت الوزارة والنيابة أم لا؟
كلّها اسئلة اساسية ترتبط بما بعد الثورة. فما من حركة اعتراضية تستمر الى ما شاء الله، بل تطرح افكارها ومشاريعها لتنتقل من خلالها من الحالة التي ترفضها، الى الوضع الذي تدعو فيه الرأي العام الى مساندتها والانخراط به لتحقيقه. 

تؤكد المؤشرات أننا أمام ثورات وانتفاضات وحركات، كلّ مجموعة منها تظنّ نفسها "الثورة". قد يقول البعض إنها ديموقراطية المعترضين التي تعتمد التنوّع والتعددية. لكن الوقائع تشير الى أنها فوضى المعترضين، التي ستزداد مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي النيابي، وترسيخ التحالفات، واختيار من يترشّح وكيف وعلى اي اساس؟... قد لا تختلف بذلك عن السلطة، ومنطق "زيح لإقعد محلّك".