الكهرباء تُضيّق الخناق على الزحليين... عودة إلى زمن البطاريات
26 Jul 202106:44 AM
الكهرباء تُضيّق الخناق على الزحليين... عودة إلى زمن البطاريات
نداء الوطن

لوسي بارسخيان

نداء الوطن
كتبت لوسي بارسخيان في "نداء الوطن":

بأقل من أسبوع تقنين في مدينة زحلة، تدحرج إعتزاز الزحليين بكهربتهم "24 على 24" ساعة، وعاد الحديث في المدينة عن تأمين البدائل للطاقة المؤمنة بواسطة شركة الكهرباء. وكل ذلك وسط قلق من قدرة الشركة على إجتياز الواقع الكهربائي الصعب الذي يعيشه لبنان عموماً، من دون نظام تزايدي في التقنين، ربما يتجاوز الساعات الست التي أعلنت عنها في برنامجها الأخير.

وكانت الشركة قد إنطلقت في بداية الأسبوع الماضي بعودة عن قرار التقنين "ليومين فقط" إحتراماً، كما قالت، للأعياد، وذلك إثر إجتماع عقد في مطرانية زحلة الكاثوليكية، لا يبدو أنه خرج بإقتراحات لحلول ناجعة لمشكلة الكهرباء، بل إكتفى بطلب تأمين مادة المازوت بالسعر الرسمي.

وما إن إنتهى العيد، حتى أعلنت الشركة العودة الى التقنين ولكن مع إضافة ساعتين فجراً، كان برنامجها السابق قد لمح الى إمكانية اللجوء للتقنين خلالهما "إذا إقتضت الحاجة".

وهكذا إرتفعت ساعات التقنين من 4 ساعات يومياً الى ست ساعات، الأمر الذي خلق بلبلة كبيرة، خصوصاً لدى العائلات التي تحضن حالات مرضية وأفراداً يحتاجون الى الأوكسيجين بشكل متواصل، ولدى المؤسسات التي تعتمد بشكل أساسي على الطاقة، ولا يمكنها أن تقنّن في إستخدامها، وحتى لدى باعة اللحوم والسوبرماركت التي تحتاج الى تبريد منتجاتها بشكل متواصل حتى لا تفسد.

وما ضاعف من ضيق الزحليين، أن معظم مولدات الأحياء قد أحيلت على التقاعد منذ ست سنوات، وقد باعها أصحابها بعدما ربطت شركة كهرباء زحلة كل المشتركين بشبكتها. فيما يشكل إقتناء مولدات خاصة حالياً، إستثماراً عالي الكلفة، قد لا يتمكن الكثيرون ممن كانوا يشغلونها سابقاً من شرائها.

وهكذا لجأت بعض العائلات، الى التوافق على الإشتراك في شراء مولدات خاصة صغيرة، أو إستئجار مولدات، وبدا أن ذلك ليس سوى مقدمة لإستعادة أصواتها بوسط الأحياء. وعمد آخرون الى نفض الغبار عن البطاريات وتجهيزات الـ upsالتي كانت معتمدة حتى قبل ظهور مولدات الأحياء. وتزايد الطلب في السوق على قطع تبديل هذه التجهيزات، مع ما يعنيه الإعتماد الكثيف عليها من إستخدام أكبر للطاقة خلال ساعات تشغيل مولدات شركة كهرباء زحلة.

هذه الحلول تبدو موقتة حالياً، قبل الإنتقال مجدداً الى زمن المولدات، التي بدأ الزحليون يعتقدون بأن لا مفر من تجرع كأسها مجدداً بعدما نعمت المدينة بست سنوات ونصف من الراحة في كهربائها. علماً أن الأمر لن يكون سهلاً على الزحليين، بسبب إرتفاع تكاليف المولدات أولاً، وفقدان مادة المازوت ثانياً، وكل ذلك وسط الضيق الذي يلف ميزانيات الناس بسبب تدهور قيمة العملة الوطنية. وما يدفع الى هذه القناعة هو أن المشكل لم يعد في المازوت، حتى لو أصرت الشركة على أنها قادرة على العودة الى تغذيتها السابقة إذا توفرت كمياته الكافية، وإنما في تخلخل توازنها المالي، والذي يتسبب به الإرتفاع الجنوني بسعر الدولار. فالشركة تتقاضى الفواتير بالليرة اللبنانية، وتتضمن كل فاتورة إشتراكاً شهرياً بقيمة 15 ألف ليرة، كان في الماضي يفوق أجرة المولدات التي تقوم بتشغيلها، وهي مولدات وفقاً للمعلومات غير مملوكة وإنما مستأجرة. تقلصت قيمة هذا الإشتراك بحيث لم يعد مجموعه وفقاً للمعلومات يغطي أكثر من 50 الى 60 ألف دولار بعدما كانت قيمتها سابقاً أكثر من مليون دولار شهرياً. مما حول ميزانية الشركة من إيجابي الى سلبي، حتى قبل أن تدير محركات مولداتها، وقبل أن تحتسب باقي التكاليف التي ستحتاجها، من صيانة العدادات والخطوط وحتى لسياراتها التي يتنقل بها الفنيون.

هذه الإشكالية عرضت وفقاً للمعلومات خلال الإجتماع الذي عقد في مطرانية زحلة، ولكن من دون التوسع فيها لأن رئيس مجلس إدارة الشركة أسعد نكد الذي كان حاضراً في الإجتماع، أصر على قدرته على تأمين الكهرباء إذا توفرت مادة المازوت.

ولكن الحل المستدام وفقاً لرئيس بلدية زحلة أسعد زغيب الذي كان حاضراً في الإجتماع أيضاً، يحتاج الى وضع خطة طويلة الأمد تحافظ لزحلة على تميزها بالطاقة المتواصلة في المستقبل. ورأى أن الحل المستدام يبدأ بأن تباشر الدولة بوضع دفتر الشروط لإجراء مناقصة لإعادة تلزيم الشركة فور إنتهاء عقد الإدارة الحالية، لأن إعداد دفتر الشروط، وتصديقه يترافقان مع إجراءات روتينية تستغرق ما لا يقل عن 15 شهراً، أي ما يوازي المهلة المتبقية لعقد إدارة الشركة الحالية الذي ينتهي في نهاية سنة 2022. وأشار زغيب الى أن هذه المناقصة ستتطلب منح أي ملتزم جديد، حتى لو كانت الإدارة الحالية، مهلة لا تقل عن عشر سنوات تحفز المستثمر في القطاع على البحث عن مصادر بديلة للمازوت في توفير الكهرباء، ومن بينها الطاقة الخضراء، التي أكد زغيب أن كلفتها أدنى بكثير من المازوت، ويمكن أن تجذب إستثمارات تساعد في تنفيذها. وطالب زغيب نواب زحلة بالضغط على الحكومة لإصدار دفتر الشروط، محذراً من أنه من دون الحلول المستدامة، لن يكون أمامنا سوى إستجداء المازوت حتى نوفر الطاقة لزحلة وقرى القضاء التي تستفيد من خدمة شركة كهرباء زحلة.