الوكالة الاتحادية للانباء
قفز السيد حسن نصر الله إلى السطح. ظهر تحت نور الشمس، مستظلاً نبي الإسلام صلى الله عليه وسلّم في محاولة لتحقيق أمرين: إستعادة موقع إسلامي فقده، ومخاطبة الأمم المتحدة بصفته قائداً لأمّة.
=في الأولى، أي في إستعادة موقع إسلامي فقده، شدد نصر الله على: "اليوم نأتي إلى هنا لنقول يا رسول الله فداك دمي ونفسي وأهلي ومالي وكل ما خوّلني ربي فداء كرامتك وهيبتك وعرضك وشرفك وليسمع العالم هذه الكلمة..."
هل يعتقد السيد نصر الله أن الأمة "خرفانة" مصابة بمرض ألزهايمر، وفاقدة الذاكرة؟
أين، في حساب السيد حسن، كان عرض الرسول عندما تناول الشيخ محمد يزبك السيدة عائشة أم المؤمنين بما لا يليق لا بالنبي ولا بزوجاته ولا بأهل بيته أو أصحابه؟
وأين، في حساب السيد حسن، عرض الرسول من رفع صور بشار الأسد في مسيرات حزبه؟ هل بشار صار من أهل البيت والأمة لا تعلم؟
أم ترى أن عرض الرسول لا يهان إلا إذا تناوله أميركي مغمور!
أين، في حساب السيد حسن، كانت كرامة الرسول، وهيبة الرسول، وشرف الرسول عندما طرد حزب السلاح وأتباعه العلامة المجتهد المحقق السيد علي الأمين من دار الفتوى في صور، علماً بأن سماحة السيد الأمين هو الذي دافع في كتابه "السنّة والشيعة أمة واحدة" عن السيدة عائشة وذكّر في الصفحة 99 أنها "أم المؤمنين بالنص القرآني"، مشددا على "اللهم نبرأ إليك من هذه الفريّة النكراء"، مشدداً على أن التعرض لأم المؤمنين "لم نسمع به في مجتمعاتنا ولا درسناه في حوزاتنا."
أين كان السيد حسن من شرف وعرض وكرامة الرسول عندما كان سماحة السيد علي الأمين يدافع، ومن موقع ديني فكري مسلم شيعي، عن هذه الكرامات جميعاً، محذراً من أن مرتكب إثم التعرض لكرامات النبي "يستحق إقامة الحد الشرعي عليه" وصارخاً من عمق وجدانه "ويلٌ لمن كذّب القرآن."
كرامة الرسول أساء إليها الأميركي المغمور باسيلي. هذا صحيح ولا جدال فيه. ولكن الدفاع عنها يجب ألا ينتظر أميركيا كي يسيء إليها، بل الأقرباء، وكلاء الفرس، أولى بالتعنيف، كي لا نقول أجدر ... بالحد، كما قال سماحة السيد علي الأمين.
الأمة تعلم، لذلك لن يستطيع نصر الله إستعادة موقع قيادي فيها، مهما فعل سنّته الذين دمروا المطعمين في طرابلس، ومهما حاول سنته الذين يرسلهم في بعثات إلى مصر بعد طردهم من مساجدهم في لبنان.
=في مخاطبة الأمم المتحدة:
قال السيد حسن: "يجب أن تعمل جميع شعوبنا وحكوماتنا على الضغط على المجتمع الدولي لإصدار قرار دولي وقوانين تجرّم الإساءة للأديان السماوية ولأنبياء الله لابراهيم وموسى وعيسى المسيح ومحمد".
كلام رائع، والسيد حسن يعلم أن هناك توجهاً في العالم الإسلامي في هذا الصدد. ولكنه لن يكون هو قائد هذا التوجه، ولا ممثله للأسباب التالية:
=ذاتياً-إيرانياً-رسمياً: القائد هو المرشد الأعلي آية الله السيد الخامنئي، ولا يمكن للسيد نصر الله، ضمن خصوصية هذه الهيكليّة، أن يكون هو قائد هذه المسيرة.
=شعوبياً: لا يستطيع نصر الله أن يكون قائداً للشعوب الإسلامية، فهو لا يملك هذه الصفة أساساً، ولا تتفق الشعوب الإسلامية على أنه قائدها.
الوحيد، من خارج هيكلية الرؤساء الرسميين، الذي خاطب الأمم المتحدة كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وقبل أن يكون رئيساً. لكنه كان يستند إلى قرار قمة عربية تعتبره "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني."
السيد حسن، بكل احترام، ليس ممثلا شرعياً ولا وحيداً للشعب اللبناني، أقله حتى الآن. حتى حليفه، بشار الأسد، لم يعد الرئيس الأوحد، إلى الأبد، لسوريا-الأسد التي صار وجودها يقتصر على بعض المباني الرسمية وثكنات الجيش التي لم تنشق بعد.
وعلى الرغم من أن عدنان منصور، وزير خارجية السيد، اتصل بأمين عام جامعة الدول العربية بعد تلقيه تعليمات قائده بالبث التلفزيوني المباشر، إلا أن ذلك، في احتساب الشعوب كما الدول، لا يعني شيئاً. يبقي صاحبه وحيداً ولا يجعله ممثلاً وحيداً ... إلا عند منصور
الدفاع عن الرسول واجب، في كل وقت، وليس في مناسبات تُستَنسَب مصلحياً.
والأوجب من الدفاع عن الرسول بعد الإساءة إليه هو منع التجاوز عليه قبل حصوله ... من الأقربين.